من أصول العقيدة الصحيحة السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين في غير معصية الله، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (النساء: 59)، وأولو الأمر هم الأمراء.
أيها المتقون الأبرار: إن القارئ لأخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم وما ذكره من تتابع الفتن، ليعلم صدق نبوته، وحرصه على الخير لأمته، فما ترك خيرا إلا دلنا عليه، ولا شرا إلا حذرنا منه.
ويدل على هذا أحاديث ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها الآمر بالطاعة، الأمر بالطاعة وإن ظهر منهم معصية: ومما أرشد إليه في آخر الزمان وعند تغير الأحوال التمسك بكتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم، وطاعة من ولّاه الله عليكم في المعروف، وإن حصل منهم تقصير أو ظلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة التحذير من خطر الخروج على الحاكم: كما يجدر التنبيه إلى أنه يجب أن يعتقد المسلم أن له إماما وأن له أميرا يدين الله له بالطاعة في غير معصية الله. فإنه من مات وليس له إمام، فإنه يموت ميتة جاهلية والعياذ بالله».
وقال: من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية وهو عند الحاكم في المستدرك بلفظ: من فارق الجماعة واستبدل الإمارة لقي الله ولا حجة له عنده، وكان السلف الصالح لا يخرجون على حكامهم ولو كانوا على مذهب مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الطحاوي في عقيدته التي تلقتها الأمة بالقبول: «ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعو عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم، فإن طاعتهم من طاعة الله عز وجل، فريضة ما لم نؤمر بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة».
للمسلمين، والأمة مسؤولة عن واجبها نحوه ومن ذلك الواجب الطاعة له، السمع والطاعة هي للأمير، وقال صلى الله عليه وسلم: «ستكون أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله، كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم»، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى السمع والطاعة لمن ولاه الله أمر المسلمين، وعدم الإثارة عليهم، وما ذاك إلا لأن الخروج على الولاة يسبب فسادا كبيرا، وشرا عظيما، فيختل به الأمن، وتضيع به الحقوق. فهذا الحديث وما في معناه يدل على وجوب الطاعة، وقال البربهاري: ليس من السنة قتال السلطان فإن فيه فساد الدنيا والدين.
فلم يرخص الشارع بالخروج عليهم إذا لم يسمعوا للنصيحة، بل أمر بالصبر عليهم وأخبر أن الإثم عليهم، ومن نصح لهم وأنكر بالطريقة المشروعة فهو بريء من الذنب.
النهي عن سب الحكام: ولا يجوز سب ولاة الأمر وشتمهم والتشهير بهم، فإن هذا خلاف النصوص وما كان عليه السلف الصالح فصح عن أنس قال: نهانا كبراؤنا من أصحاب محمد قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أمراءكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب»، وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أهانه الله يوم القيامة.
نسأل الله أن يبارك لنا في ولاة أمورنا فان فيهم خير البلاد والعباد.