شهر رمضان شهر الخيرات والبركات، يعمل على إصلاح النفوس الأمارة بالسوء، ويجردها إلى الله سبحانه وتعالى، ويحررها من أثقال الماديات، ويعودها على الأمانة والصدق في السر والعلن.
إن رمضان يشحذ همم العباد والزهاد بشعائر تعبدية تقوي إيمانهم، وترفع درجاتهم، وتسمو بأخلاقهم، وتدفعهم إلى الامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى، واجتناب نواهيه، ليحلقوا في أجواء روحانية، ويتخلصوا من غبار الصفات الحيوانية، ناهيك أنه يورثهم الخشية، وينمي فيهم ملكة المراقبة، ويقيهم من الوقوع في المآثم، وينجيهم من عذاب الآخرة، ويشق لهم طريقا موصلا إلى رضوان الملك الديان، والظفر بجنته.
شهر رمضان المبارك، الذي فرض الله عز وجل صيامه على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) (البقرة:183)، والذي يهدف إلى تحقيق الغاية العظمى من الصيام وهي التقوى، التي تعني الخوف من الله تعالى، وطاعته، واجتناب معصيته، فضلا عن أنه يبشر برضوان الله الذي لا سخط بعده أبدا، وينير القلوب، وينعش النفوس، وينشر الإحسان، ويفتح أبواب الجنة، ويغلق أبواب النار، ويدحر الشيطان، ويحمي البدن من الكثير من الأمراض الشديدة والمنهكة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين» (البخاري ومسلم).
وفي هذا الشهر المبارك نزل القرآن الكريم على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (البقرة:185).
وعلينا معاشر المسلمين أن نستغل أوقاتنا في هذا الشهر الكريم بالاجتهاد في أنواع العبادة من المحافظة على الصلوات المفروضة في المساجد، وصلاة التطوع كالقيام (التراويح)، وذكر الله تعالى كالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، وتلاوة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل، وطلب العلم النافع، والاجتهاد في بر الوالدين، وصلة الرحم (الأقارب)، وإكرام الجار والضيف، وعيادة المريض، والسخاء في الإنفاق على الفقراء والمساكين والمشاريع الخيرية، ودعاء الله تعالى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والاعتكاف، وإخراج زكاة الفطر في موعدها قبل صلاة العيد، وأخيرا، لنعش في رحاب رمضان، بقلوب صافية، ونفوس مطمئنة، وأخوة صادقة، وحب وتعاون وتراحم، مع جميع المسلمين الذين تربطنا بهم أواصر العقيدة الإسلامية السمحة من أجل بناء مستقبل جديد وأفضل لأمتنا الإسلامية.