فجعنا هذه الأيام برحيل الفنان والإنسان عبدالحسين عبدالرضا، وأصبحت النفس بين ما ترى، وغير مصدقة، فهذا الإنسان قد أمتعنا بفنه طوال مسيرته، وجسد معاناتنا بمواقف كوميدية حولت الأسى لأمل جديد، ومنحتنا العزيمة في خوض ما نحن فيه.
فالعين تدمع لرحيل هذا الإنسان، والقلب يترنح بين الذكريات، منحه الله حب الكثير، واعطاه روحا لا تشيخ ابدا، ولا تغيب مهما رحل عنا عبدالحسين.
أخذ مسؤولية الفن الكويتي على عاتقه، وأوصله لجميع العالم بفخر واعتزاز وشموخ وأصالة، حافظ على تراثنا، وجعل الحداثة تصب في إظهار جوهر الكويت الاصيل، علمنا الكثير يكفي بأن الابتسامة حين نراه لا تغيب.
جمع بين القديم والجديد دون تحفظ أو تعقيد، وأخذنا معه في كل دور لهدف ورسالة تفيد، حتى لو كانت إسعادنا وبهجتنا، فهو الذي جعلنا ندرك ان إبهاج النفس مسؤولية، وضرورة، وأساس كل نفس قوية.
كان فنانا وإنسانا ملتزما بوقته وبتقديم رسالته الراقية في فنه، لم نره يوما الا ورأينا قيمنا. جمع بين السهل الممتنع، وعرف انه من اول وهلة شخص مهم، فوظف اهميته في إبهاج من حوله، ومسؤوليته تجاه وطنه
. كان يمرر رسائل مهمة لتوعيتنا بحب الوطن، وفي كل مرة يختم عمله بهدف.
كان قامة كالجبل لا تهتز، وفي كل ظرف تعلو اكثر حتى نراها بعين لا تذبل، وصورة لا تشيخ في الاذهان ابدا.
رحم الله مؤسس الضحكة وزارع البهجة، كان يحب ان يظهر وطننا بأجمل صوره وحلله، وكان لا يركز على المشكلة، دوما يعطي الحل بصورة بسيطة ممكنة، فلم ينجرف خلف تيار المادة، ولم تغره أي حوافز، لأن معدنه ثمين ونادر، لذلك بقي شامخا بين الجميع.
سنفتقدك يا ابا عدنان وستظل حاضرا لا تغيب، وسنعرف كلما اشتقنا اليك انك موجود في كل نقاء وصفاء، وكل بناء وإعمار، وسننظر اليك خلف هامات السحاب هناك حيث يكتب للعظماء ان يكونوا كالجبل، راسخا، متينا، اساسه شديد.
قاصد الخير، وداعا يا من زرعت حب الخير في القلوب، بابتسامتك، سنقصده معك، وسنحكي للجميع ان من هذه الارض الطيبة، وجد هذا الإنسان الطيب: عبدالحسين عبدالرضا، شيد الفن على عاتقه، وعرف بحب وطنه وإنسانيته.
خلف كل ستار يفتح ستطل بوجهك المبتسم معنا، وبعد ان يقفل سنتذكر فنك، ونشتاق إليه، وربما سنقارن كل عمل بما قدمته انت، فيخسر الرهان امامك، وتبقى أنت حاضرا حيا في الأعماق والأعيان.
Twitter @Dr_ghaziotaibi