تمر السنوات، ويتضح لنا أن عقل الانسان هو المتحكم الأول في حياته، وأنه باستطاعته عبر افكاره أن يحول التجارب لخبرات، والدوافع لدافع للذات، وبواسطتها يستطيع اما النهوض، أو الانهزام.
عقلك مستودع ذخيرة افكار، وملفات نفسية في الأعماق، فمن خلال ما تفكر تستطيع ان ترى المستقبل، وتجد لك فيه مكانا، عبر ما تفكر فيه الآن، وبامكانك العودة لما فات، وتغيير ما ندمت عليه عن طريق ما تفكر فيه اليوم من اهداف واصلاحات، اذن من خلال عقلك تستطيع أن تشفي صحتك، ونفسيتك، فالله ميزنا عن بقية المخلوقات بالعقل، وجميعنا نعرف ان مصدر اي عزيمة، وقوة يأتي من صوت العقل، ومصدر اي ضعف يأتي ايضا من طريقة تفاعلك مع هذا الصوت، فأما ان تأخذه لمزاياك، أو تجعله يتوقف عند عيوبك.
لا احد يختار من يكون، لكن بامكانه أن يختار ماذا سيكون، ويعمل جاهدا على جعل ذاته بصيرة بالوجود، عن طريق معرفته للموجود، أول اداة للعقل هي المعرفة، كلما عرفت ما تخاف تلاشى، وكلما عرفت ما ستواجه اصبح يمهد لك الصعب، ويجعلك تتجاوزه بفهم، وحين تشعر بأي عارض صحي، أو نفسي بواسطة افكارك، تستطيع ان تحوله لهدف يومي، مثلا حين تشعر بالإعياء، تقوم بممارسة الرياضة، أو تناول أكل صحي، أو اخذ قسط من الراحة، وبذلك تتخذ الاشارة، كدليل لفهم ما تشتكيه.
جميعنا يخلط بين الفهم، والوعي، فأن تكون فاهما لا يعني بالضرورة ان تكون واعيا، فالفهم يتشكل عبر زاوية ضيقة مما تريد انت فقط ان تراه، لكن الوعي يشمل ما تريد، وما ترفضه باستمرار، فيجعلك مطلعا بشكل متجدد على الاحداث، لذلك من المهم ان تكون يقظا، وحياديا حين تشعر انك وسط هجوم، لا تقاوم الموج فيجرفك الاعصار، ولا ترفض ما تراه، فتضيع في ثراه.
يتكرر علي دائما سؤال عن وصفة لإيقاف المشاعر السلبية، ودوما اكتب لهم بجانب التشخيص، ضرورة ايقاظ حواسهم التي تساعدهم على اكتشاف ذاتهم، فكلما كان الانسان قريبا من نفسه، سهل عليه ان يداويها، ويعرف ما فيها.
الفكرة الايجابية التي تتركها عن ذاتك تساعدك في الوصول لأعماقك، والتحليق عاليا في سماء انجازك، فلا تسمح لا احد ان يقيم ذاتك، أو ينسب اليها صفات، فتصبح هي وسيلتك للتعرف على ذاتك، تذكر ان الجميع يرى بعين نفسه، فلا تتعاطى من منظوره وفهمه، وكن مستقلا بفكرتك واثقا بقدرتك ملتزما بمسؤوليتك اتجاه تغيير واقعك.
العقل السليم في المواجهة التي تجعلك مطلعا على كل شيء، لكن أنت وحدك من تقرر ماذا ستفعل، لا الانفعال يجبرك ولا الخوف يقيدك، بل الحكمة تنير بصيرتك، والهدوء يملأ داخلك، جرب أن تكون ذاتك في حياتك، ستكتشف أدواتك الدفينة، وقدراتك الجبارة في ادارة اي مشكلة تواجهك، لا تجعل اصوات الآخرين تختلط بصوتك الداخلي، اخرجها من باب الثقة، واقفله بمفتاح ما تراه من مزايا في الذات باستمرار، وعد الى ذاتك محملا بإيجابياتك.
Dr_ghaziotaibi@