بعض الناس يظن أن الحراك بهجوم، ينتقص من الموجود، وهذه للأسف نظرية الفريسة، مبنية على زعزعة، أمان الآخر، ليصبح لديك دافع، لأن تبارز، ففي مجتمعاتنا، التي تخضع لمعايير، لا أعرف من أسسها، سوى ان الناس بدأت تتخذها، كنوع من المقارنة، والتفضيل، بين بعضها البعض، تجد من تأخرت عن الزواج، أو الإنجاب، كلما سألها البعض عن أخبارها، في أي محفل، ربطوا السؤال بما تحتاجه الذات، أول شيء يتبادر لذهنهم، ما تزوجتي؟ ما حملتي؟ ويظلون يدفعون بجملة التساؤلات، حتى يصيب الآخر نوع من الانهزام، فيشهر سيف الإجابات، وتبدأ شلالات العبارات، تنهال عليه، مسكين ليش؟ وعادة هؤلاء الناس أذكياء، فهم يصدرون الباقية، لتصبح عائدة، فيبدأون بذكر ما ينقص الشخص، حتى يدرجوا معه مميزاته، فتخف كفة ميزانه، وهذا ما يبرر انعزال البعض، عن حضور الاجتماعات، فهم لا يتوقفون لحظة، عن تبادل التحايا، حتى يسألوا عن ما ليس لدى الآخر، وكأنه جناية، نسوا ان هناك مفهوما للحياة، لكل منا، وخيارات قد تكون محدودة، أو معدودة، وما يناسبك ليس بالضرورة، ان يناسب غيرك، وما عشته ليس مطلوبا من الآخر، ان يعيش مثله.
أتت لي إحدى الحالات، بمنتصف الثلاثين، غير مرتبطة، منهم من أطلق عليها معقدة، وبأنها لا تحسن اقتناص الفرص، ومنهم من يجدها السبب، وحين استطردت قائلة بمجموعة الخيارات، التي قابلتها في الحياة، وجدتها خيارات لاتتناسب على الإطلاق، مع ما تريد هي، لا تناسب قناعاتها، ولا رغباتها، ومن حولها يرون، بضرورة ان توافق، وتحمد ربها، أو كما هو المصطلح الدارج، بوسي أيدك، وش وقفا، هذا النوع من الضغط، يستنزف كل قيمة، لدى الفتاة، حتى يصبح الإنسان، يخطو الحياة، بخيارات عديمة المسؤولية، والمواجهة الفعلية، فأما يرضخ، ويعيش في الخيال، ويحل مشاكله، باستضعاف، وقلة إرادة، وحيلة، أو يصطدم بوجود جبل، من السلبيات، وهذا ما يفسر فشل الزيجات، وهي لم تتعد الأشهر، هي فتاة، واعية، بما تريد، لكنها لم تجد الفرصة المناسبة، لأنها تؤمن بان الخطوات لابد لها، من قناعة تكسبها، ثوب المسؤولية، وتعطيها حافزا، لان تعطي فيها بمصداقية، وتقول يا دكتور: عزلت الاجتماعات العائلية، والمناسبات، لكي لا تتطرق إحداهما لتوجيه السؤال، بطريقة، تخلو من الذوق، فهي تقتنص الوقت، الذي تجدني فيه، أتحدث بطلاقة، وأرحب بتلك، وأمازح الأخرى، فهي لا تريد، ان تعرف أخباري، بقدر ان توجه لي اتهاما، غير مباشر، بأنني أقل، فتجدها تارة تطلق بمزحة، ما شاء الله جميلة، وما تزوجتي، وغيرها من العبارات، التي قد يظن البعض، انها بلسم، وهي نوع من الأسهم تخترق الصمت، هذا النوع من الكلام، مسموم، يجد مفعوله ببطء.
اتركوا الناس بحالها، وتأكدوا كل إنسان راض بقسمة الله، له، وإذا عندك، وما عنده، لا تعتقد انك أكثر منه، أو هو أقل منك، فربما كان القادم لهم أفضل، فلماذا تكسروا مجاديفهم، وتجعلوا داخلهم على نار خوفا من سؤال، يأتي على غفلة، أيادي اسئلتكم التي تمتد، لتصافح نواقص الناس، هي من تجني عليهم.
أيادي من دون داعي. بدل ان تمتد، تنقبض، الناس ما عاد عندها، غير ترقيع ثوب، لا يلبس، وفهم لا يدرس، ووعي ينغلق كل يوم أكثر، أجعلوا كل شيء، فيها، ولها يطيب، أرحموهم من تعليقات، لا تفيد، فنفوس بناتنا، وأبنائنا، تحتاج لبريق يشع، وليس لمن يطفئ، بوجههم الشمس.
Dr_ghaziotaibi@