تقول: يا دكتور، زوجي بخيل بعواطفه، لا يشعرني بأهميتي، إذا عملت ما يريد، على أكمل وجه لا أرى كلمة شكر وتقدير، وجهه، ملامحه صامته، أشعر بالعبء النفسي، فأنا كأي إنسان، أحب سماع الكلام الطيب، فهو بمنزلة شحنة معنوية للنفسية.
دكتور: هل البخيل بعواطفه ليس له علاج؟ الشح بالكلمة أصبح يبني بيننا جدارا.
دعوني أتطرق لمشكلة البخل في العواطف من عدة جوانب، أولها: أن الإنسان البخيل بعواطفه نتاج بيئة جافة لم يرتو منها يوما، مفهوم طبيعة التعبير الذي يعتبر مشكلة كل الرجال في وطننا العربي، وهي انه تربى على ألا يبكي، لا يعبر عما يشعر، لما في ذلك باعتقادهم انتقاص من رجولته، وبذلك تبرمجت أجيال من الرجال، على الا تقول ما تشعر حتى لو كان طيبا.
كلمة «لا تبك، انت رجّال»، منذ الصغر، تكبت المشاعر، وذلك بدوره يؤدي إلى تقييد لغة التواصل، مع الطرف الآخر، وتكبيلها، فيقول عكس ما يشعر، ومن هنا تبدأ خلافات الأزواج، فالمرأة تحب سماع الكلمات فهي تشعرها بأنوثتها وتخلق لها مجالا لأن تشعر بالأمان.
والرجل يظن انه لابد الا يقول، لأن ما تفعله المرأة أمر طبيعي، أو من المفروض أن تفعله، لذلك تتراكم العادات والتقاليد لتصنع خط سير يشق دروبه بالبرودة، والقسوة بين زوج شحيح بالعواطف وزوجة متعطشه لكلمة حب وحنان من شريك الحياة.
الرجل بطبيعته نتاج ظروف بيئته، فكم من بيئة أنتجت رجالا قلوبهم قاسية، حتى على أنفسهم، لذلك تفهم المرأة لتلك النقطة يكون بداية العلاج لانهمار سيل عواطف زوجها.
لابد ان تجعلي من حوارك نقاطا تثير مشاعر الفخر برجولته، تجعله واثقا بنفسه، فذلك ينعكس بالإيجاب، حتى لو لم يظهر تأثيره، سيشعر بتأثيره، تفنني في إسعاده، في ترك آثر طيب عن ذاته، بمشاركته الأمور التي يحبها، فذلك يذيب الجدران العازلة التي بناها حوله منذ أن كان صغيرا.
(بادر لما تريد من الآخرين) حين نريد من الزوج كلمات مديح، لابد أن نخاطبه بها، ففاقد الشيء يعطيه، لأنه أكثر الناس شعورا به. تواصلي معه من خلال طريقته في التعبير، وليس طريقتك في التفكير.
قصة قصيرة:
بخيل ذهب إلى المدينة، لبيع غلته من الشعير، وعندما أتم الصفقة ذهب إلى البريد، وكتب لزوجته: بعت الشعير بربح، سأعود غدا، أشواقي الحارة. وقبل أن يسلمها، قال لنفسه: لماذا اكتب كلمة بعت، فزوجتي تعرف اننى جئت إلى هذه المدينة، لأبيع الشعير، فحذف الكلمة. ثم قال لنفسه: لماذا اكتب كلمة بربح؟ فزوجتي تعلم أنني لن أبيع الشعير من غير ربح، وحذف الكلمة. وفكر أيضا، وقال: ولماذا اكتب أعود غدا، فهي تعرف أنني عائد، وشطب الكلمة. وفي النهاية قال لنفسه: لماذا اكتب أشواقي الحارة، فاليوم ليس يوم زواجنا. وشطب البخيل الكلمتين، وهو مسرور، وخرج من البريد، دون أن يرسل البرقية.
Dr_ghaziotaibi@