ترى ابنتك الصغيرة ذات الثلاث سنوات تذوي أمامك وتكاد تموت من العطش ولا تستطيع عمل شيء لها، هذا ما حدث لي قبل سنتين في مستشفى الفروانية بقسم حوادث الأطفال، عندما قرر الدكتور المعالج حاجة ابنتي الصغيرة إلى عمل مغذ عاجل في الوريد لتعويضها عن السوائل التي فقدتها نتيجة إصابتها بنزلة معوية أفقدتها الكثير من السوائل مما أدى إلى حالة جفاف شبه كامل لجسدها الصغير.
لكنني صدمت حين قالت لي الممرضة «بابا ما فيه سرير كله مليان» لأكثر من 30 ثانية لم أستوعب ماذا قالت، حتى نظرت إلى يميني فهالني المنظر، كل سرير فيه طفلان، وفي آخر الممر إحدى الأمهات تحتضن ابنها الرضيع وفيه مغذ.
«لازم ينطر سرير فاضي» قالتها بعصبية الممرضة، والبنت معي يكاد يغمى عليها، وكأنني أرى بياض عينيها، لم أصدق ما كانت تقول، في بلد وصلت خيراته العالم كله، ويحوي أكبر الاحتياطات النفطية في العالم. يقارب أطفاله على الموت من العطش في مستشفى حكومي وأمام ناظري والديهم، وبعد دقيقتين كانت مثل السنتين قام أحد الأطفال من أحد الأسرة، لتأخذ ابنتي مكانه.
بعد عودتي للبيت اتصلت بثلاثة نواب لأشرح لهم ما حدث في المستشفى مطالبا إياهم بالتحرك وتبني موضوع إصلاح هذا المستشفى التعبان، لم يرد علي أحد، بعدها جربت أرقام السكرتارية، رد عليَّ اثنان وكان ردهما متشابها.. (أبو فلان سيكون مشغولا في الأسبوعين القادمين للتحضير للندوات والاستجوابات المخصصة للدفاع عن الديموقراطية، والإصلاحات السياسية...)، وكان ردي عليهما متشابها أيضا بعد استرجاعي لمنظر ابنتي الصغيرة وهي تقاتل من أجل حياتها بين يدي... «بلغ أبو فلان أنني قلت.......».. وأقفلت الهاتف في وجهه بعد إصابتي من القرف، من هؤلاء النواب المبتعدين عن همومي ومشاكلي.
الحالة التي وصلتها، وصلها أغلب الشعب الكويتي من هذا المجلس وهذه الديموقراطية التي لم نر منها إلا تعطيل البلد وشل الحياة الاقتصادية والثقافية وجميع أوجه الحياة، بلد تحول إلى رهينة إلى عشرات الأشخاص الذين تحولوا إلى حراس على السنة وأبواب الوزراء، والنتيجة توقف حال البلد، فأي بادرة إصلاح أو تطوير سيتصدى لها احد هؤلاء النواب الأبطال «ويشرشرحك» بسببها سواء تحت قبة عبدالله السالم أو في كل وسائل الإعلام.
والطامة الكبرى والأخيرة هي ما حدث قبل أيام في مجلس الأمة بين بعض النواب، متناسين القروض التي حولت 30% من الشعب الكويتي إلى مساجين في بيوتهم خوفا من الضبط والإحضار، ولم يكن لمناقشة الأمن الوطني الذي قد يتزعزع بسبب الأحداث الإقليمية المتسارعة من حولنا، وكذلك لم يكن لمناقشة البطالة التي قامت تقرع بيوت الكويتيين، بيت بيت بوجهها القبيح.
وكتعبير عن حالة القرف التي وصلها الكثير من الشعب الكويتي من ممارسات المجلس الحالي، أتمنى تنظيم تجمع أمام مجلس الأمة في اي يوم جمعة نختاره، ونسميها جمعة التعب، خلاص بس تعبنا منكم ومن فشلكم في تحقيق أدنى مطالبنا وطموحاتنا، تعبنا من وضعكم الأصفاد على أيدي الوزراء وإرعابهم من أي مبادرة إصلاح او إنجاز في وزاراتهم، نريد استراحة طويلة منكم، هل تفهمون؟
[email protected]