بدل الموقع للمهندس هو 200 دينار وهو مبلغ ليس قليلا حتى ان البنك يعطي قرضا أكثر من 20 ألف دينار مقابل استقطاع شهري من راتب المهندس يعادل نفس هذا المبلغ.. وهناك أيضا بدل نوبة وبدل مناطق نائية وكلاهما يساوي تقريبا 50 دينارا لكل واحد منهما. تصور عزيزي القارئ أنك مهندس أو مساعد مهندس توظفت في أحد القطاعات الفنية في أي وزارة وقامت تلك الجهة بموافقة ومباركة الشؤون الإدارية والمالية فيها بمنحك كل البدلات التي ذكرتها ومجموعها تقريبا 300 دينار ودخلت هذه المبالغ في شهادة راتبك التي هي الدليل والإثبات الرسمي على مقدار دخلك الشهري والتي تعتمد عليها البنوك في حساب كم تستطيع إقراضك.
بعد عدة سنوات وانت تتقاضى هذا البدل ذهبت إلى البنك وقدمت على قرض قيمته لنفرض مثلا 20 ألف دينار، جلست مع موظف القروض في البنك وحسبها لك، لا مانع لدى البنك من إقراضك هذا المبلغ مقابل استقطاع شهري من راتبك بمبلغ هو 200 دينار أو أكثر قليلا، توافق مسرورا وتوقع على العقد فالراتب يكفي لتحمل هذا الاستقطاع وأنت وثقت بجهة عملك التي أعطتك هذا البدل وأنها لن تتراجع عنه.
لكن يتضح لك بعد سنوات أن هذه الجهة الحكومية ليست أهلا لتلك الثقة وقامت بإيقاف جميع بدلاتك التي منحتها لك لعدة سنوات لتضعك في موقف «بايخ» فالبنك سيستمر في استقطاع قسطه الشهري ولن يتوقف ولن يستمع لأي عذر منك وهو محق فالبنك مؤسسة تجارية هدفها الربح وليست جمعية خيرية تشفق على من نزل دخله بمقدار 15% بشخطة قلم من الوزارة.. وهنا تجاوزت الاستقطاعات الشهرية أكثر من 40% من راتب المهندس وهي مخالفة صريحة لتعليمات البنك المركزي بعدم تحميل المقترض أكثر من 40% من دخله، لكن لا البنك ولا المهندس يتحملان المسؤولية.. بل هي الوزارة التي «خفست» فجأة بالمركز المالي للموظف دون حسبان للعواقب على هذا الموظف المسكين الذي كبل نفسه بقرض مدته 15 عاما.
نعم كانت هناك ملاحظات من ديوان المحاسبة بوجود بعض الخلل في صرف تلك البدلات في بعض الأماكن وصرفها أحيانا لمن لا يستحقها.. لكن إصلاح هذا الخلل كان يجب أن يتم على شكل عمليات جراحية دقيقة في مواضع الخلل تلك لا اتباع سياسة الأرض المحروقة ( carpet bombing) التي تسببت في تغيير المركز المالي لآلاف المهندسين والفنيين ودخولهم في متاهات القروض التي تجاوزت استقطاعاتها الـ 40% من دخولهم مما قد يؤهلهم للدخول في صندوق المعسرين.. وهو أمر إن حدث يعتبر شيئا مؤسفا أن يتحول مهندس أو مساعد مهندس يعمل في بناء ونهضة بلده إلى إنسان مطارد من البنوك وغارق في الديون بسبب وقف بدلاتهم.
٭ نقطة أخيرة: المهندس يعمل في قطاعات الصيانة والتصميم والإشراف على مشاريع ومناقصات مليونية.. المطلوب المحافظة على وضعه الاقتصادي بدلا من تخفيض دخله الذي سيؤثر على أدائه بالتأكيد.
www.leeesh.com