القصة وما فيها، أنه لفت نظري تصريح لوكيل وزارة التربية د.هيثم الأثري في خبر منشور شغل تقريبا ربع صفحة محليات في إحدى الصحف. تصريح الوكيل يفيد بأنه خاطب ديوان الخدمة المدنية لتخفيض راتب المعلمة البدون التي تتزوج 60 دينارا ليصبح راتبها 420 بعد أن كان 480 دينارا.
توقفت كثيرا عند هذا الخبر، وأول شيء طرأ على بالي هو (يا الله عليكم هذي اشلون لها خلق تعلم عيالكم؟).
تصوروا أن مكان عملكم يكافئكم على أجمل شيء يحدث في حياتكم بالخصم من راتبكم الذي هو أساساً «مسحوط».
اعذروني على هذه الكلمة لكن لم أجد غيرها. إنسانة فاضلة كدّت واجتهدت وتعبت وتخرجت في الجامعة بتقدير عالٍ وانتظرت سنوات عدة بصبر شديد للحصول على تلك الفرصة الوظيفية وآخرتها راتب 480 يخصم منه 60 دينارا بسبب أسعد مناسبة في حياتك.
يحكي العم علي الغانم رئيس غرفة التجارة السابق ووالد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أنه أثناء ابتعاثه الى ألمانيا لدراسة الهندسة سكن لدى عائلة ألمانية وكان رفيق السكن طالب جامعة ألمانياً يقول عنه إنه كان يدرس ليل نهار وكان لا يخرج في النزهات معنا أو حتى بعض المناسبات التي تقيمها العائلة التي نسكن في بيتها.
وعندما سأل زميل السكن الألماني عن سبب سلوكه هذا رد عليه أنه يدرس ويجتهد لكي يصبح مدرسا، لأن المعلم في ألمانيا هو صاحب أعلى راتب في الهيكل الوظيفي للدولة، والتي تضع المدرس في أعلى مراتب اهتمامها وتغدق عليه جميع المزايا الوظيفية والمادية.
كلام العم علي الغانم كان في نهاية الخمسينيات وكلنا يعرف كيف قفزت ألمانيا من دولة مدمرة خاسرة للحرب إلى صاحبة أكبر ملاءة مالية في العالم بعد الصين والولايات المتحدة، وجزء كبير من هذا النجاح يرجع إلى اهتمامهم بالمعلم والتعليم.
لهذا السبب، حزنت كثيرا عند قراءتي للخبر الذي تحدثت عنه في بداية مقالتي.
لا أدعو إلى مساواتهن بالمعلمات الكويتيات - وإن كان هذا هو الصح - لكن على الأقل عدم هضم حقوقهن المادية إلى هذه الدرجة، فهذه معلمة وتلك معلمة، فهل من الإنصاف أن يكون الفرق بين رواتبهن إلى هذه الدرجة. ويا ليت يسلمن على هذه الرواتب الضئيلة، بل بالعكس يتم الخصم منهن، كما صرح وكيل الوزارة.
نقطة أخيرة: حسب تصريح وكيل الوزارة، فإن الذي ينطبق عليهن القرار عددهن 146 معلمة، اضربوا هذا الرقم في 60 دينارا يطلع المبلغ الذي ستوفره الوزارة هو 9600 دينار فقط لا غير، وهو رقم لا يستحق ذكره في وزارة ميزانيتها مليار دينار، لذلك أتمنى من وزارة التربية إعادة النظر في هذا القرار المجحف.
@ghunaimalzu3by