@ghunaimalzu3by
في إحدى الندوات الانتخابية للنائب السابق مسلم البراك قبل عدة سنوات وكان حينها مرشحا، استضاف النائب السابق وليد الجري كمتحدث رئيسي في تلك الندوة.
المكان كان في إحدى الساحات الترابية بمنطقة العارضية الصناعية التي أقيم عليها لاحقا مقر كلية التربية الأساسية للبنات.
كان الحضور كبيرا وعلى مد النظر ولم أجد مكانا لأركن سيارتي فيه إلا موقعا بعيدا وضعتها هناك ومشيت تقريبا 400 متر.
عندما وصلت كانت الندوة قد بدأت ولم يكن هناك أي مكان شاغر للجلوس عليه باستثناء بقعة وحيدة استغربت خلوها وسط هذا التزاحم الشديد، لكن ما إن جلست على الكرسي حتى ذهب استغرابي فقد كانت بالقرب من إحدى السماعات الضخمة التي كان صداها يصم الآذان لكنني تحملت الضجيج الهائل وجلست على الكرسي.
عندها كان الدور على النائب السابق وليد الجري للتحدث.
ساد وقتها صمت رهيب فهذا الرجل هو أحد أبرز إن لم يكن الأبرز من فرسان المعارضة وقد اعتزل العمل السياسي بطريقة مفاجئة وهو في قمة نشاطه السياسي بدون أن يصرح لاحد عن السبب فقط أصدر بيانا بعدم رغبته في الترشح للانتخابات وهو الذي كان يضمن وصوله للمركز الأول وبرقم أصوات قياسي.
ساد صمت رهيب قبل بداية كلمته التي ابتدأها برواية عملت قشعريرة للجميع هذه الحادثة كما يقول حصلت له أثناء عضويته البرلمانية. لجأ إليه أحد أبناء دائرته لينجد قريبه الذي كان يعاني من مرض عضال عجز عنه أطباء الكويت لكنهم كعادتهم يرفضون الاعتراف بذلك ويستمرون بالتجريب عليه ويصرون على عدم إعطائه تقريرا يفيد بعدم وجود علاج له في الكويت ليتسنى لأهله مطالبة وزارة الصحة بإرساله للعلاج في الخارج لعل الله يمن عليه بالشفاء، مستفيدا من الخبرات والأجهزة الطبية في أوروبا أو أميركا.
يضيف وليد الجري: لم أترك مسؤولا في الصحة لم أذهب إليه لكن الجواب كان دائما بالرفض والتحجج بوجود علاج له في الكويت.
وأنا نائب وأرى بعيني كيف يوزع وزير الصحة طلبات العلاج في الخارج لحالات الكثير منها تافه ولا يستحق الموافقة.
وكذلك كنت أذهب لإدارة العلاج في الخارج وأصادف اناسا أعرفهم هم في قمة الصحة والعافية لكنهم حصلوا على الموافقة للعلاج في الخارج لأنهم أتوا عن طريق نواب آخرين. يكمل وليد الجري فيقول: أتاني بعد عدة أيام اتصال من قريب المريض هذا ليبلغني بوفاته.. يقول: تمالكت نفسي قليلا وطلبت منه شيئا استغرب منه. طلبت منه دشداشة ذلك المريض.
لم أخبره ماذا سأفعل بها لكنني صباح اليوم التالي ذهبت لمكتب أحد المسؤولين في وزارة الصحة وهو الذي رفض المعاملة، يقول: ما إن دخلت عليه حتى رميت ثوب ذلك المريض المتوفى عليه وقلت: موت هذا في رقبتك. يضيف: انتفض ذلك المسؤول ورمى الثوب عنه وأخذ يردد أعوذ بالله منك.. أعوذ بالله منك.
قصة وليد هذه كانت في سياق تعداده لأوجه الفساد في بعض وزارات الدولة. لكنني وهذا رأيي شخصي أعتقد أنها أعمق من ذلك وأكاد أجزم بأنها سبب اعتزال وليد الجري للعمل السياسي وأنا لا أعلم الغيب لكن أعتقد انه شعر في قرارة نفسه بالاشمئزاز والقرف أنه فارق الحياة أحد الأشخاص (والأعمار طبعا بيد الله) «بسبب عملي في السياسة وتوجهي السياسي حتى أصبح الناس يتم معاقبتي عبر إيذائهم.
ويأتيهم ما يأتيهم من أمور سيئة كثيرة فقط لأنهم يؤيدونني ويمشون خلفي.. لا بارك الله بالسياسة ولا العمل السياسي إذا كان الثمن هو إيذاء الناس والتسبب لهم بمتاعب سواء في عملهم أو صحتهم أو حتى حريتهم.
هذا أمر لا أستطيع حمله في ضميري الذي بدأ ينهكني وأنا أسمع القصص تلو القصص عن أمور كثيرة سيئة حدثت لأناس أحبهم ويحبونني فقط لأنهم تبعوني وسمعوا كلامي».
هذا رأيي في اعتزال النائب وليد الجري وهو اجتهاد قد يصيب وقد يخطئ.. الله أعلم.