توجت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى سورية سلسلة الخطوات الإيجابية التي بدأت منذ فترة من الزمن في مسار تحسن العلاقات بين الدولتين الشقيقتين، ونقلها من مرحلة التأزم والاحتقان إلى مرحلة التفاهم والانفتاح.
ولا شك في أن هذه الزيارة ونتائجها ستؤثر كثيرا في عدد من المسائل والملفات الإقليمية، وخصوصا على الساحتين، اللبنانية والفلسطينية، حيث أثبتت القدرة على تجاوز الصعاب في أكثر من موقف، كما أن الاتصالات واللقاءات لم تتوقف ولم تصل العلاقات إلى نقطة اللاعودة، فقد حافظ الجانبان على مساحة من الود والتقدير اللازمين لمكانة ودور كل منهما على المستوى العربي والإقليمي والدولي.
توقيت الزيارة الذي تزامن مع ذكرى حرب أكتوبر أو كما يقول السوريون «تشرين التحريرية» زاد معانيها قوة وأعاد إلى الأذهان الموقف السعودي المشرف الذي اتخذه آنذاك الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، بإدخال النفط كسلاح استراتيجي عربي، حيث أمر بإيقاف تصديره إلى أوروبا الغربية والولايات المتحدة للضغط عليها لكونها كانت تدعم إسرائيل في حربها مع العرب.
كما أن توقيت الزيارة خلال أيام ذكرى حرب تشرين التحريرية أكد على أن التضامن العربي مستمر ومهما انتابته من أزمات فالإرادة الواعية قادرة على إعادته إلى الواجهة، وكل المؤشرات تدل على مرحلة خلاقة من التضامن العربي تشهدها المرحلة المقبلة. ولا يخفى على ذي عينين أن الزيارة حملت أكثر من رسالة وأكثر من مدلول وفيها تحقيق لآمال وتطلعات المواطن العربي بعلاقات ثنائية لا يعكر صفوها شيء وتتحول إلى علاقات جماعية متميزة على مستوى الوطن العربي بأسره ليعود التفاؤل إلى مختلف الشعوب وتزداد ثقتها بأن الخلافات زائلة لا محالة وأن المشكلات التي طرأت لسبب أو لآخر لن تستمر والهموم المشتركة لابد أن يتم العمل من أجل إنهائها كي تتمكن الشعوب من مواصلة الدرب نحو الحضارة والرقي والعيش الآمن في ظل قيادات تدرك أن عملها الحقيقي هو ارتقاء شعوبها إلى المستوى الذي يضعها في مصاف الدول المتقدمة.