قال تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة) وقال أيضا (وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه).
لقد أصبح الطلاق ظاهرة من الظواهر الاجتماعية في المجتمع وفي جميع المجتمعات العربية وتمثل ظاهرة كثرة الطلاق في مجتمعنا الكويتي خللا يدعونا إلى أن نقف وقفة مع انفسنا لمعرفة أسباب هذه الظاهرة والعمل على معالجتها واخفائها من مجتمعنا.
في الماضي كانت كلمة الطلاق غريبة علينا ولم نعلم بها إلا في شرع الله عز وجل الذي أحل الطلاق فكانت هذه الكلمة في الماضي شبه عار على مجتمعاتنا وديرتنا وكانت هناك خشية من كلام الناس، وإذا ظهرت حالة طلاق في ذاك الوقت كثرت الأقاويل وكثرت التساؤلات لأن الطلاق كان شيئا غريبا على المجتمع الكويتي والخليجي أيضا، حيث كانت المرأة في الماضي أما وزوجة وسيدة بيتها ولم يكن لها مثيل، كانت تشعر بالراحة والسعادة في مملكتها ولم تكن تحتاج إلى الخدم وكانت كالشجرة تظلل على زوجها وابنائها وكان الزوج أيضا مثالا يحتذى، فكان يقوم بواجباته تجاه اسرته ويملؤها بالحب والحنان والعطف والرعاية ولكني أحب أن أشير إلى أنني لست ضد ما أحله الله فقد احل الله الطلاق ولكن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال: «ان أبغض الحلال عند الله الطلاق» وهذا الحلال في بعض الأوقات يكون ضروريا فقد شرع الله الزواج ووضع بين الزوجين المودة والرحمة حتى يتحقق بهما الاستقرار والأمان وصفاء النفس وراحة البال بين الزوج والزوجة ولكن عندما ينقلب هذا الحال ويتحول الحب إلى الكراهية والسكن إلى فزع والهدوء إلى صراع بالتالي تكثر الخلافات بين الزوجين ما يجعل الطلاق ضرورة ملحة ووسيلة مهمة لتحقيق الخير والاستقرار العائلي والاجتماعي لكل منهما لذا فقد شرع الله لهما الطلاق اذا تعثر العيش وضاقت السبل وفشلت جميع وسائل الإصلاح وهذا منصف كل الإنصاف لكل من الرجل والمرأة.
والبعض منا يلقي باللوم على شرع الله وتشريعه للطلاق ولكن للأسف أن هؤلاء لم يبحثوا عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وقوع هذا الطلاق علما أن الطلاق له أسباب عديدة نعلمها جميعا ولكنني سأذكر البعض منها:
أولها: عدم التكافؤ بين الزوجين سواء اجتماعيا أو ثقافيا أو تعليميا أو أخلاقيا أو دينيا أو عمريا أو.. الخ.
ثانيا: بعض العوامل المادية التي تتمثل في بخل الزوج أو عدم قيامه بمسؤولياته المادية وشرع الله تجاه زوجته.
ثالثا: رفض بعض الأزواج عمل المرأة واستقلاليتها اذ يعتقد الرجل ان شوكة المرأة تقوى بذلك ويصبح بإمكانها اتخاذ القرارات بعيدا عن الرجل وعدم الرجوع إليه في العديد من الأمور.
رابعهما: الزواج المبكر والاختيار الخاطئ لأحد الطرفين، وايضا الظروف القاسية التي تعاني منها المرأة والتي تراها من الأسرة مما يجعلها تقبل بأول من يطرق بابها للزواج دون أن تعلم عنه شيئا وايضا من هذه الأسباب مغالاة الأهل في طلباتهم على الشباب والمهر والمسكن والأثاث وعندما يعجز الشاب عن تلبية هذه الطلبات يذهب بلا عودة وتتكرر المأساة وتمر السنوات والبنت في بيت أهلها وقد شاب رأسها وكبر عمرها وفي النهاية تخضع لقبول أي شخص أقل كثيرا من السابقين وتتزوج المسكينة وبعد فترة قليلة تكتشف أن اختيارها كان خطأ وتلجأ إلى الطلاق علما بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وامانته فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» وحتى لا أطيل عليكم أحب أن أشير إلى أن المتضرر عند وقوع الطلاق أولا هم الأطفال بعد انهيار العلاقات الزوجية حيث يؤثر على نشأتهم النفسية والاجتماعية ويفقدون الشعور بالأمان، فالطلاق يعد صدمة تقع على هؤلاء الأطفال وتكون نتيجة مؤلمة عليهم وتتدهور صحتهم وتهبط معنوياتهم ويغلب على حياتهم اليأس ثم تنقلب حياتهم رأسا على عقب ويلجأون إلى أصدقاء السوء.
ونهاية أتمنى من كل زوج وزوجة التفكير في كل هذه الأمور قبل اتخاذ قرار الطلاق وليعلموا جيدا ان ذلك هدم لعمودين أساسيين بخيمة العائلة التي تظلل على أبنائهما التي ستهدم عليهم وعلى مستقبلهم ويجب ان يكون الرجل للمرأة أمينا على عرضها وعلى كرامتها وفي معاشرتها فلا يبخسها حقها، ولا يسيء إليها لأن ذلك في أمانته بل ان أحبها أكرمها وان ابغضها لم يبخسها حقها ويجب عليه ايضا ان يجعل زوجته صديقته ورفيقته تشاركه بهمومه وليس من العيب أن يأخذ رأيها في بعض الأمور التي تخصه ليشعرها بانها جزء مكمل لكيانه، كذلك مطلوب أيضا من الزوجة أن تكون ملكة في بيتها وان تهتم بمظهرها وحسنها ودلالها وعدم الحديث باستمرار عن مشاكل البيت أو عملها لأنه من المفترض أن يكون كلامها مسكا وعطرها عنبرا وملبسها نعيما.
والى أن يأذن الله بتصحيح الأوضاع أهيب بالآباء والأمهات أن يكونوا مثال تقدير لأبنائهم في المستقبل من أجل حياة راضية تعم على الأسرة جميعا.
[email protected]