دائما يتذكر الإنسان العديد من الأحداث التي تمثل له شيئا في حياته ويعتبرها مناسبة خاصة له تختلف عن كل إنسان، ربما تكون ذكرى مليئة بالفرح والسرور وربما تكون مليئة بالحزن والألم، ورغم أن الإنسان من السهل ألا يتذكر موعد مناسبة سارة له لكن من الصعب ألا يتذكر أي إنسان على وجه الأرض ذكرى أليمة ألمت به فهذا هو حال الكويتيين في أصعب الذكريات ذكرى الثاني من أغسطس عام 1990.
فالكثير من الرجال والنساء الشباب والشابات الآباء والأمهات الصغار والكبار عندما تأتي الذكرى السنوية للاحتلال العراقي الغاشم على الكويت جميع هؤلاء يحملون في طيات النفس الكثير من المآسي والآلام لما رآه من راى وما سمعه من سمع، فها نحن اليوم بعد مرور 20 عاما نقف لنسرد ونتذكر كل ما حدث خلال هذه الفترة العصيبة على المواطنين والمقيمين فبين ليلة وضحاها خرج الشعب الكويتي المسالم الطيب الذي لم يكن يتوقع يوما أن يقع عليه كل هذا الظلم والخراب والغدر في صباح الثاني من اغسطس عام 1990 ليرى هذه الأرض الطيبة تحولت في هذا اليوم إلى ساحة للقتال راح ضحيتها الكثير الكثير من أبناء هذا الشعب بين شهيد وأسير في يد المغتصب الجاني الذي لم يفرق بين الرجال والنساء ولا الأطفال والكبار، هذه الذكرى التي تلاحم فيها كل أبناء هذه الأرض وضربت فيها المرأة الكويتية أروع الأمثلة للمرأة الخليجية عندما خرجت للدفاع عن أرضها وأبنائها، ضربن مثالا رائعا في التضحية ومهما تحدثت عن هذه الذكرى فلا استطيع وصفها نظرا للبشاعة والقسوة التي كانت تملأها وحجم التدمير والخراب الذي حل بالكويت حينها وكان بمثابة صدمة قوية تعاطفت معها قلوب الجميع وأظهرت مدى حب معظم الدول تجاه الكويت وحرصها على تحريرها.
ولكني بعد مرور كل هذه السنوات بالرغم من مدى الخسائر الفادحة التي لحقت بالكويت والكويتيين سواء كانت خسائر مالية أو بشرية أو خسائر نفسية في قلوبنا وبالرغم من البطولات التي حققها أبناء هذا الشعب المحب لوطنه أريد أن أبتعد عن سرد الخسائر والأرواح والأبطال، أريد ألا تمر هذه الذكرى مرور الكرام مثلما يحدث في كل عام عندما نكتفي بسرد أحزاننا وبطولاتنا أريد أن أعلم ما الذي تعلمناه من هذه المحنة، وما الذي فعلناه حتى لا تتكرر، وما مدى استعدادنا إذا تعرضنا لنفس الموقف هل سنظل مكتوفي الأيدي لننتظر مساعدة الآخرين في الدفاع عنا؟
قبيل هذه الذكرى دار الحديث حول التجنيد الإلزامي لأبناء الكويت واختلفت الآراء كالعادة بين مؤيد ومعارض ولست أعلم ما الدافع وراء معارضة مثل هذا الأمر علما بأن القوة العسكرية هي الدليل الأول على قوة الدول فأبناؤنا هم الأحق بالدفاع عنا وصد أي عدو غاشم يتخيل بخاطرة أن الكويت لقمة سائغة وليدافعوا عن تراب هذه الأرض الطيبة تحت راية حكيم الديبلوماسية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، فمن هنا أضم صوتي إلى صوت كل مؤيد للتجنيد الإلزامي الذي سيجعل رجالا من أبنائنا قادرين على حمايتها وحماية ممتلكاتنا من كل غاصب ومعتد، فدعونا نخطو خطوة حقيقية حول هذا البلد لنحافظ عليه وأرجوكم يا سادة في هذه الذكرى أن تضعوا مصالحكم الشخصية وصراعاتكم جانبا وأن تضعوا مصلحة الكويت فوق كل اعتبار وأن تسعوا إلى تقدم الكويت وازدهارها وتحقيق رؤية صاحب السمو بجعل الكويت مركزا ماليا عالميا ودرة للخليج كما كانت وأدعوكم إلى الاهتمام بالجانب العسكري وتزويده بالعدد الكافي القادر على حفظ أمن البلاد واستقراره.
ونهاية أقول: ذكرى الاحتلال الصدامي للكويت مليئة بالحزن والألم ولكني أريدها أن تكون مليئة بالدافع والأمل.
www.alyera3-al7or.com