أعجبني رد الشيخ أبو إسحاق الحويني، حفظه الله، وهو عالم من علماء الحديث حين سئل عن رأيه في الحرب على النقاب والحجاب بصورة عامة فكان رده منطقيا مقنعا حين قال: إن هذه الحرب يجب أن تحدث وهي من سياسة الدفع الواجب بقاؤها لصلاح الأرض كما يقول الله عز وجل (ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) وشبه الإسلام بالكرة المطاطية التي كلما ضربتها في الأرض بقوة تصعد إلى أعلى، وأشبه ما يحدث في الساحة اليوم مرورا ببعض الازمات والقضايا وحملة الاستجوابات الأخيرة بأنه مناخ صحي يستنشق هواء بلد جعل الديموقراطية والشورى شعارا له، وديموقراطيتنا التي أقرها الدستور كالكرة المطاطية كلما ضربت من كل حزب صعدت إلى أعلى أكثر قوة وعلوا وشموخا.
فالكويت ارتضت هذا التنوع في نسيجها من مختلف الأحزاب والمشارب وهذا سر جمالها وتميزها رغم ما يراه البعض من خطورة هذا التنوع الذي قد يهدد وطنيتها واستقرارها، سياسة النقد التي تمارسها الاحزاب بكل أريحية هي من سياسة الدفع المطلوبة لصيانة واستقرار بلدنا، والتاريخ يروي لنا ان اكثر الاضطرابات والقلاقل من انقلابات وخلايا سرية تمت في الخفاء حين كان النظام الدكتاتوري يمارس صلاحياته بديموقراطية واسعة في غياب ارادة وحرية الشعب.
وكما أن ديموقراطيتنا المطاطية لا يضرها نقد ليبرالي يميني أو يساري، شيعي أو سني، إلا أنها تضرها المبالغة في التنازلات التي تمارسها السلطة التنفيذية طلبا للسلام حين تحاول ارضاء الحزب الفلاني على حساب الحزب الآخر حتى لو كان الثمن ضياع هيبتها كسلطة، فالمطلوب هو استيعاب حكومي عقلاني لهذه المتناقضات من التيارات والاحزاب وليست الحكمة في محاولة جعلها احزابا وسطية معتدلة لأن أي محاولة من هذا النوع تعني عبثا متخبطا لا طائل يرجى منه،و أنه في اذكاء قيمة المواطنة التي ترجع تلك التيارات الى جادة الصواب حين تنجح بها الطائفية والقبلية والمصالح الخاصة. والسلام الحقيقي الذي تبحث عنه الحكومة جاهدة لن يأتي دون أن تكون لها مرجعية منطقية موزونة بميزان العقل والحكمة تؤول اليها في كل ما تصدره من قرارات ولا تكون كالكرة المطاطية التي تقذف في ملعب كل حزب وتركل من كل طائفة دون أن يحسب لها وزن وقيمة.
ففي هذه الفترة بالتحديد والتي تخطو فيها الديرة خطوات جادة نحو التغيير والتنمية بات التخلص من شلل الإرادة في بنيان هذه السلطة ضرورة ملحة لوضع استراتيجية واضحة في إصدار القرارات وإلا أصبحت كرة مطاطية منتهية الصلاحية ولكن في هذه المرة لن تعلو إلى الأعلى بل ستسقط على الأرض دون حراك، فرفقا بديموقراطيتنا المطاطية يا حكومتنا الموقرة.
[email protected]