كنت جالساً في يوم من الأيام في المنزل وإذا بأحد الأصدقاء قد أرسل لي مقطع فيديو لصاحب السمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير، هذا الرجل الخيّر الفاضل الكريم الناجح والملهم، ومحتوى هذا الفيديو عبارة عن رواية إنسانية حصلت مع الأمير شخصيا بمرحلة من مراحل حياته قد يكون الموقف بسيطا وقد يكون دليلا على أن الأرزاق مقسمة من الخالق، والقصة باختصار هي أن الأمير ذات يوم كان يرافق المغفور له والده إلى مكة المكرمة لأداء العمرة وأثناء الطواف جاءت فتاة صغيرة من الجاليات الأفريقية الذين كانوا ينتشرون في الحرم المكي الشريف للتسول في زمن ما، فيقول: كانت تلاحقني في الطواف والمسعى ولم أعطها أي صدقة لأنه لم ير فيها الحاجة لأنه يفضل أن تذهب الصدقة لمن يحتاجها فعلا، وأثناء ذلك وجد أحدا آخر يسأله الصدقة ووجد فيه الحاجة لذلك مد يده إلى جيبه ليخرج له الصدقة وإذا بجميع ما معه يسقط على الأرض، وإذا بالفتاة التي كانت تلاحقه نزلت لتلتقط ما وقع من الأمير فاستغرب وأصيب بالدهشة وتذكر على الفور أن الأرزاق مقسمة من عند الله تعالى، فأشار للفتاة بأن تأخذ جميع ما وقع على الأرض ولم يعترض على قدر الخالق، هذا الموقف الذي يرويه الأمير سلطان قد يكون له مواقف كثيرة مشابهة مع اختلاف الأزمنة والأمكنة واختلاف البشر.
كذلك من المواقف النبيلة لهذا الرجل صاحب الأيادي الخيّرة والكبير بلقبه وفعله للخير منقطع النظير، أنه في يوم من الأيام تمت دعوته من إمارة منطقة حائل في المملكة العربية السعودية لتكريمه على أعماله الخيّرية في المنطقة وبحصوله على جائزة حائل للأعمال الخيرية إلا أن الأمير سلطان بن محمد أبى ورفض أن يتسلم الجائزة إلا أن تكون الجائزة مناصفة بينه وبين أحد أهالي منطقة حائل ويدعى نايف الشمري، والسبب وراء ذلك هو أن هذا الرجل قد أبت شهامته بأن يدع جاره في الحي أن يستسلم للموت وكان يحتاج إلى كلية، وقام هذا الجار الطيب والخير بالتبرع بإحدى كليتيه لجاره الذي لا تربطه به صلة سوى الجيرة الحميدة والشهامة المغروسة بهذا الرجل، كما أن شهامة الأمير سلطان أبت أن تذهب الجائزة له وحده وهناك من فعل خيرا لا يرجو منه سوى الأجر من الله وحده.
موقف نبيل من سمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير لا يستطيع كل فاعل خير أن يفعله، وقد تكون مواقف هذا الرجل هي أحد أسباب التوفيق من الله في كل أعماله واستثماراته حيث إنه يعد من أهم رجال الأعمال في الخليج والوطن العربي وقد يكون في العالم كله، وكذلك من خلال هذين الموقفين سنجد الحكمة التي هي سمة من سمات أهل الخير تدل على معرفتهم التامة بالبشر مع اختلاف الطباع والتصرفات.
قال تعالى في سورة البينة: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية (7) جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه (8).
[email protected]