حمد الكوس
إن شخصا يترك بلده وأهله ووطنه لسنين طوال ليطعم أهله وأبناءه براتب لا يتجاوز 18 دينارا في بلد نفطي غني مثل الكويت! أي أن راتبه نصف دينار في اليوم، أو مائة فلس بالساعة ألا يستحق منا نظرة رحمة وشفقة؟!
في إحدى الدول المتقدمة سألت سائق التاكسي عن الرواتب التي يتقاضاها الموظفون فقال لي إن الجميع يتقاضى رواتب عالية هنا وقال لي: انظر إلى هذا العامل الذي يجز الحشائش أتمنى لو أعمل مكانه لأنه يتقاضى راتبا أكثر من 20 دولارا في الساعة! فالرواتب الضعيفة، والفقر المدقع لهؤلاء سبب لكثير من الانحرافات لدى ضعاف الإيمان منهم، وكثير من هذه العمالة نجدهم بعد العصر يبحثون عن أي فرصة للعمل ليحصل الواحد منهم مبلغا يشتري به تذكرة سفر يستحيل أن يكفيه راتبه الضعيف لشرائها! أو يشتري طعاما يشتهيه، أو ثيابا تقيه حر الشمس أو برد الشتاء لا يفي بها راتبه، الذي قسمه قسمين نصفا يأكل به ونصفا يبعثه لأبويه الشيخين الكبيرين أو لأسرته التي تنتظره بفارغ الصبر لكي تسكت «كلب الجوع» كما يقال! وبعض هذه العمالة تجده وسط براميل القمامة يبحث عن علب المشروبات الغازية في منظر محزن ويجلب على نفسه خطر على صحته وصحة من يخالطه في العمل! والبعض الآخر يعمل صباحا ومساء في عمل دائم ليحصل على راتب زهيد لا يساوي ثمن وجبة في أحد المطاعم للوجبات السريعة في الشهر الواحد! والبعض لا حول له ولا ولا قوة «لا بالعير ولا بالنفير» كما يقال في الأمثال..متعفف لا يعلم به إلا الله يرفض مد يده للمحسنين!
إذا هناك حاجة ماسة لتحسين رواتب هذه العمالة وأوضاعها وخصوصا البنغالية الذين يعمل أغلبهم في شركات التنظيف والعمالة والخدمة، مما سبب تزايد جرائم الخطف والقتل وسرقة الكيبلات النحاسية، وشقق الحرام وسرقة الخطوط الدولية وأغطية البالوعات «أجلكم الله» وغيرها! وأظن أول هذه الحلول هو وضع قانون يحسن رواتب العمالة عموما، والشق الثاني من العلاج هو: بتعليمهم وتثقيفهم حيث ان النفوس بها جاهلية لا تزول إلا بتعليمهم الإسلام وتثقيفهم وتزكية نفوسهم به وهذه رسالة أوجهها إلى الوزير النشط حسين الحريتي والوكيل المساعد لقطاع المساجد الخلوق وليد شعيب، حيث يخصص لهم المزيد من المساجد لصلاة الجمعة لأنهم يشكلون نسبة 5% من الشعب، وتكثيف الدروس الدينية مع الاهتمام بالحملات الإرشادية من نشرات وكتيبات وغير ذلك، ولا ننسى جهود لجنة التعريف بالإسلام التي ذهبت إلى أماكنهم بالمناطق النائية، وساهمت في تعليمهم وتثقيفهم ولكن «العين بصيرة واليد قصيرة» فهم بحاجة للدعم الكبير، أما الشق الثالث لكف شر الأشرار منهم فهو: في التدابير الأمنية وتطبيق نظام البصمة وهذا دور الداخلية وسمعت عن جديتهم في تطبيق هذا النظام حيث لوحظ الكثير منهم يدخل بجوازات مزورة وسمعت عن وجود الكثير من المجرمين الذين يدخلون بجوازات مزورة عدة مرات، وخير ما فعلته الكويت هو إيقاف التصريح لهذه العمالة وليس هذا من باب العنصرية! ولكن لأن بلدهم للأسف بلد لا يحكمه قانون ولا نظام قوي، فسهل على المجرمين الدخول إلى أي بلد دون وجود ملف أمني أو أي أثر على وجود سوابق له، إضافة إلى الأعداد الرهيبة التي تجاوزت 100 ألف نسمة، ناهيك عن أعداد الجرائم من قبلهم.
خاتمة:
أرجو ممن يقرأ المقال أن يقرأه بتمعن من بدايته لأوسطه إلى نهايته وألا يكتفي بالعنوان، وأعلم أن في هذه الفئة الكثير من المشاكل ولكن لا يعني هذا ظلمهم ما داموا بين أظهرنا عملا بالحديث «أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» ولا يعني تجاهلهم فبعضهم شر لابد منه.
ومضة:
قرأت في بعض كتب منثور الحكم «إن رافقك صديق هان عليك الطريق» ويقول الله عز وجل: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) نسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء ويرزقنا صحبتهم في الدنيا والآخرة.