حمد الكوس
الخرافات عالم لا بحر له في زمن الجاهلية المتأخرة لدى البعض، والخرافة هي الاعتقاد الذي يسود وتحاك له القصص ولا أصل له في الواقع ولا بالشرع الصحيح، ومن أمثلة تلك الخرافات تعليق ما يطرد العين، وآخر ما شاهدته في جمهورية مصر الشقيقة حجر يعلق في جهاز الهاتف النقال على صورة عين بحجة طرد العين عن الموبايل.
والبعض يعتقد بالأشجار أنها ترزق، و قد شاع هذا فترة في الجزيرة العربية، حيث كانت المرأة تأتي إلى فحل النخل وتقول له: «يا فحل الفحول عطني زوجا قبل الحول» حتى جاء الإمام محمد بن عبدالوهاب فنشر التوحيد في الجزيرة العربية وجاء آل سعود ودعموا هذه العقيدة السلفية فصارت لهم دولة وصولة وجولة وأعادوا للجزيرة هيبة التوحيد وخلعوا ربقة البدع والخرافيين واجتثوهم.
ومن الناس من يعتقد بالأحجار ويظن أنها تنفع وتضر من دون الله، ولذلك عندما قبل عمر ( رضي الله عنه ) الحجر الأسود قال مقولته الخالدة «والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قبلك ما قبلتك» وذات مرة شاهدت على طفل صغير خاتما ذا شكل غريب فلما دققت النظر في باطنه فإذا فيه طلاسم سحر وشعوذة ومكتوب عليه اسم أمه فقلت له: ألا تعلم أن هذه الكلمات المكتوبة من السحر؟ فقال: أعلم أن فيه كلمات غريبة! ولكني أخذته من البلد الفلاني، ومن شخص يعتقد فيه الصلاح وورث ذلك عن أجداده! فقلت له: لا بأس فكل يدعي الصلاح ولكن الواقع والعمل يكذب ذلك أو يصدقه! أليس اسم أمك مريم؟! قال وما يدريك؟ قلت: مكتوب اسمها وسط هذه الطلاسم فلم يعر جوابا! وقلت له: أليس من أساليب السحرة وضع الطلاسم واسم الأم؟! فقال: ولكن يوجد حديث «تلبسوا بالعقيق ففيه الرزق»، وإذا أردت الدعاء فأدعو بهذا الخاتم! فقلت: الحديث هذا افتراء من الدجالين، وأما طلب الرزق بهذه الحجارة فهو أشبه بما كان عليه عباد الأصنام الذين حاربهم ( صلى الله عليه وسلم ) وحاربوه وكانوا يقولون: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) والله يقول: (إياك نعبد وإياك نستعين) أي لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك فيما لا يقدر عليه إلا الله، وهل أصبحت الأحجار ترزق من دون الله؟
وكان في جزيرة فيلكا حجر كبير يدعون أنه موطئ قدم الخضر وكان الناس يقصدونه من كل حدب وصوب ويظنون أن هذا الحجر ينفع ويضر، ويتقربون إلى هذا الحجر بالأطعمة والنقود وغيرها، وكانت هناك امرأة تأخذ هذه الأموال حتى قيض الله أحد الدعاة الذي جمع فتاوى العلماء وبين أن هذه خرافة لا أصل لها وهدفها هو جمع المال والتدليس على الناس! ثم أزيل هذا الحجر بفضل الله عز وجل.
ومن العجب كما حدثني أخي الشيخ محمد أن في السودان قبرا لرجل شيوعي ملحد سمي ضريحه، بضريح الولي الصيني! وكان في إحدى المرات قد وقع من مكان شاهق فلم يصب بأذى، فاعتقد الناس فيه الولاية ولما مات عكفوا على قبره وأخذوا ينذرون له ويذبحون وهو كافر بالله العظيم! وأما إذا تحولنا إلى بلاد فارس في مدينة كاشان فنجد قبر أبو لؤلؤة المجوسي قاتل عمر الذي قتله بخنجر مسموم فلما ظفر به الصحابة قتل نفسه وقبر في المدينة.
وتعجب بعد ذلك أن تجد قبره هناك وسمي ببابا شجاع الدين فكيف طار الضريح إلى هناك؟! وعجبا لعقول تصدق هذا الكذب وتحج له في كل عام! وتبغض هذا الصحابي الجليل الذي دفن مع أبي بكر الصديق بجوار رأس الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية، فصاحباه حيا وميتا، ولكنها روح العداء من قبل هؤلاء الجهلة الخرافيين !
وذات مرة نظرت الى سيارة معلق على دعامتيها نعال، أجلكم الله، فقلت لصاحب السيارة ما هذا! ألا تعلم أن تعليق التمائم محرم ولا يجوز في الإسلام، وأنها لا تدفع المقدور؟! فقال: نعم.. ولكن نحن في بلد تكثر فيه هذه الخرافات ونعتقد أنها تبعد حوادث السيارات فقطعها.
وما دعاني لهذه الكتابة هو كثرة من يصدقها ويروج لها في زمن كثر فيه الجهل وقل فيه العلم وكثرت الثقافات الباطلة باسم الدين أو العلم الحديث وهما بريئان من جهل الناس كما قال تعالى:
(وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله)، لذلك نتمنى من الجميع الحذر من الخرافات والبدع التي روجها المبتدعة باسم الإسلام.