بدأت قصتي مع تدخين السجائر وأنا في عامي السابع عشر، وتدرجت بالتدخين حتى وصلت إلى إكمال علبتين يوميا وقد يزيد على ذلك في حال متابعة التحقيق بقضية.
بت أشعر بالحرج الشديد عندما أخرج علبة السجائر من جيبي وأبدأ بتدخين سيجارة أمام أشقائي وشقيقاتي وأبنائنا جميعا عندما نتجمع على الغداء، وقررت بعدها انه من الأفضل التدخين بالخارج وليس أمامهم، ولكن المشكلة لم تنته وأصبحت كاللص وأنا أتسلل من بينهم بين وقت وآخر لتدخين سيجارة.
أسمع معاناة الأصدقاء المدخنين ممن على شاكلتي وهم يسردون مشاكلهم عندما يرغبون في التدخين سواء في المنزل أو العمل أو الديوانية.
معاناتي مع التدخين باتت تسبب لي الكثير من المشاكل الصحية والاجتماعية والأسرية، وكذلك المالية، فبدأت أشعر بضيق بالتنفس والتعب لأي مجهود أبذله، كما أنني في ليال كثيرة أستيقظ بسبب ضربات قلبي المتسارعة، أما أسناني واللثة فقد أصبحت في خبر كان بسبب نيكوتين السجائر.
بدأت أشعر بأن أبنائي أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من التدخين بسبب التدخين أمامهم وشعورهم بأنني قدوتهم بهذا المسلك الشاذ، كما ان الميزانية يذهب جزء منها لشراء مواد ضارة لجسدي وصدري وقلبي وعقلي.
شقيقي الأكبر بوسعود كان مدخنا واستطاع التخلص من التدخين، وفي أحد الايام ونحن عائدون من الشاليه وحينما أخرجت السيجارة لأدخنها سألني: هل تعتقد ان تلك السيجارة أقوى منك؟
صدمت من ذلك السؤال وصمت حائرا متسائلا: هل فعلا تلك السيجارة أقوى مني ومن إرادتي؟
قررت بيني وبين نفسي تحديها واشترطت أن يكون ذلك التحدي في شهر رمضان المبارك، وعندما أعلن المنادي برؤية هلال الشهر، كان لدي تسع علب سجائر نوع مالبورو فدخنت حتى وقت الإمساك فتوضأت ونمت وعندما استيقظت ذهبت للعمل وأكملت يومي، وبعد أن أفطرت وصليت المغرب تماسكت على نفسي ومارست عادتي السنوية في المرور على الديوانيات وأكملت يومي الثاني وشعرت زوجتي بتغيير حالي، وعندما استفسرت أبلغتها بتوقفي عن التدخين فطارت من الفرح وذهبت سريعا إلى مكان السجائر لترميها، ولكنني ناشدتها أن تبقيها على وضعها فاستغربت فأخبرتها بأنني متحد بأن أقهر تلك السيجارة، وعندما مضى خمسة عشر يوما أمرتها برمي علب السجائر وبدأت رحلة المعاناة مع الانقطاع عن التدخين فظهرت العصبية والمزاج السيئ وأصبحت أشعر ببعض الألم في مفاصل يدي وشد قوي في عضلة رقبتي من الخلف.
بعد ستة اشهر بدأت اشعر بتغير تام في المزاج وبدأت استمتع برائحة الأكل وطعمه وشعرت بعودة نشاطي.
بعد مرور عام دخل احد الأصدقاء إلى مكتبي وقت الظهيرة فلاحظ عدم وجود أي طفاية للسجائر فأخبرته بالتوقف عن التدخين فاستغرب كثيرا، ونحن في سجال طلبت منه الذهاب إلى المسجد القريب لصلاة الظهر وما ان أنهينا الصلاة وعدنا إلى المكتب حتى فاجأني بتمزيق علبة سجائره ورميها في سلة القمامة وأقسم انه لن يدخنها بعد أن علم أن ترك التدخين لا يحتاج إلا إلى إرادة تبعد الأضرار عنه.
مرت عشر سنوات على توقفي عن التدخين والآن كلما رأيت واحدا من كبار السن أو الشباب دعوت الله العلي القدير ان يقوي إرادتهم ويبعدهم عن تلك الآفة.
[email protected]