[email protected]
تنص المادة (٣٢) من قانون هيئة مكافحة الفساد رقم (٢٠١٦/٢) على خضوع جميع العاملين لاحكام هذا الباب والمذكورين بالمادة (٢) الى تقديم إقرار الذمة المالية الى هيئة مكافحة الفساد بعد صدور اللائحة التنفيذية للقانون.
هيئة مكافحة الفساد خاطبت كل المشمولين بالقانون لتقديم اقرار الذمة المالية وكما ذكرت المادة (٣٢) ان جميع المشمولين بالقانون ستطبق عليهم الفقرة الاولى من المادة (٤٦) بعد مرور (٦) اشهر حيث ذكرت (كل من لم يلتزم بتقديم اقرار الذمة المادية خلال (٦) اشهر يحكم عليه بدفع غرامة مالية لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تزيد عن ثلاثة آلاف دينار).
هيئة مكافحة الفساد خاطبة النيابة العامة لتطبيق المادة (٤٦) من القانون على شخصين لم يلتزموا بتقديم اقرار الذمة المالية وانقضت المدة المحددة لهم.
النيابة العامة حفظت الدعوى وأشعرت هيئة مكافحة الفساد بقرار الحفظ حيث ان المفترض هو إنذار الشخص المعني قبل تقديمه الى النيابة.
وهنا وقع الخلاف بين هيئة مكافحة الفساد وبين النيابة العامة فالأولى تتمسك بالمادة (٣٢) التي تشير الى ابلاغ الاشخاص ومنحهم مدة ستة اشهر لتقديم اقرار الذمة المالية وحين تخلفه فإنه يتعرض للعقوبة حسب نص المادة (٤٦) بدفع غرامة مالية من (٥٠٠ - ٣٠٠٠) اما الابلاغ فهو يأتي في مرحلة لاحقة حيث ان القانون منح الشخص (٩٠) يوما بعد الابلاغ فإذا تخلف فإنه يعزل من الوظيفة وفقا للفقرة الاولى من المادة (٤٦) وذلك بموجب حكم قضائي يصدر من المحكمة المختصة.
النيابة العامة في قرارها بحفظ الدعوى رأت وجوب ابلاغ المعني في حال تخلفه عن تقديم اقرار الذمة المالية قبل تقديمه الى المحكمة وهذا ما اوجد الخلاف القانوني بين النيابة العامة وهيئة مكافحة الفساد التي اصرت على الذهاب للمحكمة طعنا في قرار النيابة العامة.
لكن يبقى السؤال الاهم والحائر في نفس الوقت: ماذا لو اقامت هيئة مكافحة الفساد الدعوى ضد من ينطبق عليهم القانون لتخلفهم بتقديم اقرار الذمة المادية وخلال فترة النظر في موضوع القضية امام المحاكم الذي قد يستغرق وقتاً تقوم الهيئة بإنذار الشخص وحين تنقضي فترة التسعين يوما فهل ستقوم الهيئة برفع دعوى اخرى لعزله من الوظيفة؟ الاختلاف في تطبيق قانون مكافحة الفساد بين النيابة العامة وهيئة مكافحة الفساد يوجب تدخل اللجنة التشريعية في مجلس الامة للإسراع في تعديل مواد القانون لتتواءم مع القوانين الحديثة، وحتى لا تكون هناك عوائق قانونية تؤدي الى الطعن به ومن ثم اسقاطه من قبل المحكمة الدستورية.