استوقفني تقريران صحافيان، الأول نشر في الزميلة «القبس» حول قتلى حوادث الطرق في البلاد، والآخر نشر في جريدة الشرق الأوسط عن حجم إنفاق المسلمين على الطعام.
فقد أشار تقرير حوادث الطرق في الكويت إلى أن عدد قتلى هذه الحوادث بلغ منذ بداية عام 2015 وحتى نهاية يوم الأحد 27 سبتمبر 2015 ما يقارب 340 قتيلا، نسبة الكويتيين فيهم 39%، كما أن الغالبية العظمى منهم تتراوح أعمارهم ما بين 21 و30 عاما.
فهذه الأرقام أصبحت مخيفة وكأن شوارعنا وطرقنا ميدان حرب تحصد أرواح شبابنا وقد كتبنا مرارا وكتبت صحفنا عن هذه المشكلة، كما قدم الكثير من المختصين والإعلاميين الكثير من الأفكار التي تساهم في حلها إلا إننا لا نرى أي تحرك جدّي من الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية للحدّ من تفاقم هذه المشكلة.
فمن يرتاد شوارع البلاد يلفت نظره الكثير من رواد الطرق الذين لا يحترمون قوانين المرور خاصة قانون السرعة والاستهتار كما يلاحظ قلة وندرة سيارات المرور والشرطة التي تجوب الشوارع بالإضافة إلى كثرة العمالة غير المهمة الحاصلة على رخص قيادة بالواسطة والمحسوبية بل وقد وصل الأمر إلى الرشوة والتزوير مستغلين غفلة وزارة الداخلية التي انتشر فيها الفساد الإداري حالها حال الكثير من وزارات الدولة ومؤسساتها الحكومية مما زاد من تفاقم مشكلة المرور.
فكل عام مثلا ومع بداية العام الدراسي تختنق الشوارع والطرق السريعة والرئيسة والفرعية بزحمة السيارات وحدوث الكثير من حوادث الطرق بسبب هذه الزحمة ومع ذلك نسمع تصريحات هنا وهناك بأن وزارة الداخلية وضعت خططا واتخذت كافة السبل للاستعداد للعام الدراسي لتخفيف الزحام المروري ولكننا في أرض الواقع نشاهد تزايد هذا الزحام عاما بعد عام وفشل الوزارة في إدارته.
ولنكن منصفين فإن اللوم لا يقع فقط على كاهل وزارة الداخلية بل يقع كذلك على وزارة الأشغال ووزارة الإعلام والمواطن والمقيم.
فعدم وجود مشاريع طرق جديدة في الوقت الذي تهالكت فيه الطرق القديمة وأصبحت غير قادرة على استيعاب تزايد عدد السيارات وكذلك عدم وجود توعية إعلامية طوال العام لنشر الثقافة المرورية والتي صاحبها عدم اهتمام المواطن والمقيم وتساهلهم في اتباع قوانين المرور وعدم وجود صرامة من قبل الحكومة في تطبيق القوانين وانتشار الواسطة لمنع معاقبة المخالف للقانون أدى ذلك كله إلى عدم احترام القوانين المرورية وظاهرة الاختناقات المرورية وكثرة حوادث الطرق.
أما تقرير إنفاق المسلمين على الطعام الحلال فقد أشار التقريرإلى أن إجمالي الإنفاق 1.1 تريليون دولار وقد ذكر التقرير أن تزايد هذا الإنفاق دليل على سرعة نمو الاقتصاد الإسلامي الذي بلغ نسبته ضعف نسبة الاقتصاد العالمي.
قد تكون هذه الأرقام مصدر فرح للشركات والدول المسلمة إلا إنها تعتبر في نظرنا تبذيرا وإسرافا من قبل الشعوب المسلمة خاصة أن ديننا الإسلامي حث على الاعتدال في الصرف وذم التبذير خاصة في الطعام.
ولنا في أحداث أهل مأرب عبرة فقد كانوا يعيشون في رغد وترف يتمتعون بكثرة البساتين المثمرة لأصناف شتى من الفواكه والخضار ويشربون من ماء عذب ويأكلون ما لذّ وطاب من الطعام حتى وصلوا إلى مرحلة التبذير وأعرضوا عن ذكر الله فبدل الله تعالى حالهم وأغرق أرضهم فقال تعالى في سورة سبأ الآية (15-16)(لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور (15) فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل) فللأسف إن شعوب الدول غير المسلمة تقتصد في معيشتها وتكثر من إنتاجها وعملها لتطوير دولها أما نحن المسلمون فقد أصبحنا نتسابق في الإسراف والتبذير فانتشرت بيننا أمراض الجهاز الهضمي واتخمت حاويات القمامة بأصناف الطعام في الوقت الذي تضرب فيه المجاعات دولا وشعوبا كانت في السابق تتقلب في الملذات. فهل من متعظ؟
al_sahafi@