استغربت في بادئ الأمر عندما ذكرتني أحداث العنف الأخيرة التي تعرض فيها بعض النواب للضرب من قبل السلطة بعدد من المشاهد الكوميدية في «درب الزلق» وخصوصا تلك التي تعرض فيها حسين بن عاقول للضرب مرة بالعقال من قبل خاله قحطة بسبب تصرفاته غير الناضجة ومرة أخرى بالخيازرين من قبل الشرطة بسبب بيعه «لحم كلاب» لأهل الديرة.
لم أتعرف حينئذ على الأسباب الضمنية التي دفعت عقلي للربط بين أحداث هذا المسلسل وأحداث العنف الأخيرة حتى أن مشاهد الاعتداء على النواب لم تكن كوميدية كمشاهد المسلسل، بل على العكس من ذلك كانت مروعة وحزينة، لذلك قررت الكشف عن هذه الأسباب في محاولة لفهم هذا الربط.
كما هو معروف تدور أحداث «درب الزلق» حول أسرة كويتية محدودة الدخل تتكون من شقيقين وأمهم وتمتلك هذه الأسرة بيتا تم تثمينه. تبدأ المشكلة عندما يشرع الابن حسين في استخدام أموال التثمين في مشاريع تجارية لتحقيق طموحه الخاص بأن يصبح غنيا، وبسبب هذا الطموح يدخل حسين الأسرة في مشاريع عديدة غير مشروعة وفاشلة أدت في نهاية الأمر إلى أن تخسر الأسرة كل ما تملك بما فيه منزل العائلة. وفي النهاية تضطر الأسرة للانتقال إلى بيت الخال قحطة، كما يضطر الشقيقان للعمل كصبيين في دكان الخال لصنع النعال النجدية.
عند مقارنه قصة ذلك المسلسل بواقعنا الحالي نلتمس بعض نقاط الالتقاء، فهناك الكثير من نوابنا الذين استغلوا مناصبهم لتحقيق طموحاتهم الخاصة، ولتحقيق تلك الطموحات أقحموا أنفسهم وأقحموا الديرة معهم في سلسلة من الصراعات تارة باسم محاربة الفساد وحماية المال العام وتارة أخرى باسم الدفاع عن الدستور وغيرها من الشعارات الخاوية التي ليس الهدف منها سوى إيهام المواطنين بشيء والعمل بشيء آخر مثلما أوهم حسين بن عاقول أهل الديرة بسلامة وجودة سلعته وآخرتها أطعمهم لحم كلاب.
إن بعض هؤلاء النواب الذين يدعون فضح الفساد هم المعطلون الحقيقيون لمناقشة القوانين الخاصة بإنشاء هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد، والدليل على ذلك أن هؤلاء النواب لم يشاركوا في دعم حملات المجتمع المدني الجادة في محاربة الفساد كحملة جمعية الشفافية الكويتية «لا تنمية مع فساد»، فلم يشاركوا بالحضور ولا بإرسال المقترحات، وعندما استبشرنا بقدوم اليوم الذي ستتم فيه مناقشة هذا المشروع خرج هؤلاء باستجواب ليؤجل مناقشة هذا الموضوع لموعد آخر. فالاقتراح بقانون لإنشاء «الهيئة العامة للنزاهة» قدم إلى مجلس الأمة منذ ديسمبر الماضي 2009 ولم تتم مناقشته إلى الآن.
إن استمرارية نهج وسلوك هؤلاء النواب أدخلنا في طريق زلق مليء بالصراعات والمشاريع الفاشلة وخوفنا أن يأتي ذلك اليوم الذي يحدث لنا فيه ما حدث لعائلة بن عاقول فنفقد كل شيء بما فيه بيتنا، ديرتنا. حينئذ سوف يضطر كل واحد منا للعمل اما في صنع النعال النجدية عند العمام أو بيع الخبز الإيراني عند الخوال.
[email protected]