يسعى الإنسان لتشكيل المجتمعات كي يحقق السعادة والرفاه لنفسه وللآخرين، هذا ما عبرت عنه واقتدت به الدول المدنية الحديثة، لذلك يجب على التشريعات أن تهدف إلى تحقيق السعادة للمواطنين في الدولة من خلال احترام التعددية الثقافية التي يتشكل منها المجتمع وذلك عن طريق فصل الفضاء الشخصي للأفراد عن الفضاء العام للمجتمع. فضلا عن تلافي إقحام ثقافاتنا الفردية في مجال المواطنة المدني.
وللحق، فإن حداثة التحولات المدنية للكويت تمخضت عنها عدة نتائج من أهمها تفشي الفهم الخاطئ للديموقراطية، إذ يعتقد المواطنون أن الديموقراطية هي حكم الأغلبية مما يعطيهم الحق في إقصاء الأقلية دون وضع اعتبار واحترام لحقوق الأفراد في أن يعيشوا ثقافتهم الخاصة، لذلك شهدت انتخابات مجلس الأمة الأخيرة انقساما حادا شمل الناخبين والمرشحين، حيث بدا واضحا وجليا في سعي كل طرف إما إلى فرض ثقافته على الآخرين بوصفه الأغلبية أو إلى حماية ثقافته حينما يكون بموقع الأقلية.
من مظاهر فكرة إقصاء الآخر التي برزت مؤخرا، محاولة النواب الإسلاميين والمحافظين أسلمة القوانين عبر إدخال تعديلات دستورية وأرى أن في هذا محاولة لاختراق الفضاء المدني، كما أن انتعاش خطاب الكراهية في الانتخابات الأخيرة قد يسهم في حقن المجتمع بجرعة إضافية من فكر الإقصاء والنبذ.
إن الاستمرار في ممارسة ثقافة إقصاء الآخر سيتأتى عنه تقويض الفهم الحقيقي للدولة المدنية كما ان خطاب الكراهية سينفث روح الفرقة وانعدام الثقة بين المواطنين مما سيهدد السلم الاجتماعي في البلد، ان مسؤوليتنا كدولة وكأفراد أن نتفادى بكل الوسائل ما قد يؤدي بنا إلى التناحر الثقافي والاجتماعي حتى نصل إلى تلك اللحظة التي يشعر فيها كل منا بالاطمئنان والثقة تجاه الآخر والسعادة في حياته كفرد.
[email protected]