في هذه الأيام يتزامن حدثان مهمان لهما ارتباط ضمني وثيق وهام، إلا أنه لم يعط لهما قدرهما من الاهتمام إلى الآن. الحدث الأول هو جملة الاستجوابات التي تقدم بها عدد من نواب مجلس الأمة لرئيس الوزراء وبعض الوزراء. أما الحدث الثاني والأهم فهو الحملة التي أطلقتها جمعية الشفافية وهي «لا تنمية مع الفساد» منذ سبتمبر الماضي والتي تهدف لإقرار قوانين مكافحة الفساد.
ولا شك أن تركيزنا على دعم ما تدعو اليه جمعية الشفافية هو اكثر اهمية وفائدة لبلدنا من موضوع الاستجواب لأن نجاح إقرار تطبيق قوانين مكافحة الفساد سيمنحنا النقلة النوعية التي نرجوها لديموقراطية حقيقية خالية من الفساد في المستقبل.
وبين الحدثين ارتباط وثيق حيث ان أغلب محاور الاستجوابات التي تقدم بها النواب تدور حول موضوعات تتعلق بالفساد: مصروفات ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء، الشيك، تضليل الشعب الكويتي والتفريط في المال العام، استغلال المنصب لتعيين بعض القياديين دون اتباع الإجراءات القانونية، تجاوز ومخالفة بعض اللجان التابعة للوزارة، التعديات على أملاك الدولة، قيام الإدارة القانونية بممارسات تنفيع العديد من المتنفذين، استغلال الوزير لمنصبه، انحراف مسار العلاج في الخارج، مشروع مصنع الثلج، وعدم شفافية الوزير في تعامله مع أعضاء مجلس الأمة وديوان المحاسبة.
قبل الإعلان عن استجوابات الفساد هذه بشهرين قدمت جمعية الشفافية منظومة من خمسة قوانين لمكافحة الفساد في الدولة، أولها قانون مكافحة الفساد والذي يهدف إلى إنشاء هيئة كويتية مستقلة ذات صلاحيات قانونية لمكافحة الفساد وتعاقب مرتكبيه، أما القانون الثاني فهو قانون الذمة المالية والذي يلزم كل مسؤول بتقديم إقرار بذمته المالية قبل وخلال وبعد توليه للوظيفة. وثالث القوانين هو قانون تعارض المصالح والذي يمنع الموظف من استغلال منصبه لتحقيق مصالح شخصية. أما الرابع فكان قانون حق الاطلاع والذي يهدف إلى تحقيق الشفافية في تعامل المسؤول مع باقي الجهات المسؤولة الأخرى في الدولة. وأخيرا، قانون حماية المبلغين والذي يعمل على حماية المبلغين عن أفعال مجرمة.
إن موضوع الاستجوابات حتما شيق ويحتوي على مادة دسمة يجتر عليها كل فضولي يسعى للتكسب. ولكني أقول لكل من يريد أن يرى تنمية وتطوير لهذا البلد، لكل من سأم من كثرة استجوابات الفساد، لكل من يحترم وقته ووقت الآخرين ان يزيح هذا الضجيج جانبا ويركز على توجيه الجهود لإنجاح مشروع مكافحة الفساد والذي سوف تتم مناقشته وإقراره قريبا في جلسة 9 ديسمبر 2009 ولكم الخيار.. تنمية أم فساد؟
[email protected]