ماذا حل بك يا بستان «الخير»؟ بستان الخير هو بستان الأولين، الزمن الجميل، الذي كان يعيش فيه الطيبون، من مجاميع متعددة الاطياف، مجاميع بسيطة ومتواضعة تعمل في عتمة البحر وفي قساوة الصحراء، تعمل من أجل الحصول على لقمة العيش بالحلال، ومن أجل بناء مستوى معيشي ملائم يستر الحال.
بستان الخير..
كانت تسوده علاقة محبة ومودة وتعاون واحترام بين الحاكم والمحكوم، وهذا الأمر أدى إلى قفزة متميزة في زراعة البستان بالورود على سواعد أهله حتى أصبح آنذاك مفخرة تاريخية، ونموذجا رائعا يضرب به الأمثال في كل البلدان المجاورة.
وبعد سنوات، الله سبحانه رزق أهل بستان الخير نعمة الذهب الأسود (النفط)، الذي وفر عليهم درب العناء ومعاناة الحياة، وبحبهم واحترامهم بعضهم لبعض وعشقهم بلدهم استثمروا طاقاتهم حتى استطاعوا تطوير بستانهم بكل الاصعدة، تنمويا واجتماعيا ورياضيا وفنيا، فضلا عن تطور نظامهم السياسي حتى أصبح هذا البلد محل أنظار اهتمام العالم.
فماذا أصاب هذا البستان؟
من طبيعة الحياة أن ترحل أجيال وتحل مكانها أجيال أخرى، وقد رحل الطيبون وتركوا للأحفاد ورثا من الخيرات والإمكانيات والعلاقات الطيبة، فماذا صنع الأحفاد؟
للأسف تجاهلوا السيرة الأولى، ولم يسيروا على نهج أجدادهم بسبب أطماع وجشع بعضهم، حتى حولوا بستانهم إلى كتل من الصراعات السياسية طمعا بالغنائم، والمشهد للأسف تحول إلى لوحة من السيوف الحادة التي تفترس بعضها بعضا من أجل المكاسب الخاصة.
كل هذا يحدث اليوم نتيجة رغبة مرضى السيطرة على النفوذ وحصد المال بلا حدود ولا ضوابط، ومن ثم الهيمنة، وللأسف فإن هناك مجاميع مؤثرة ولها كلمتها في الساحة، ولكن قبلوا على انفسهم لعب دور «كومبارس» وتحولوا لمجرد أداة في اللعبة، ودورهم ممثلين يجيدون هز الرقاب سمعا وطاعة لأبطال مسرح الصراع، وحقيقة هؤلاء ما هم إلا وباء ينتشر في الساحة للتكسب على المستوى الشخصي في كل زوايا الدولة، وأما المصلحة العامة فضرب بها عرض الحائط.
وهناك آخرون، وهم مجموعة من الجنود المقنعين الذين تم شراؤهم بأبخس الأثمان، وهؤلاء يلعبون دورا رخيصا في معصية الخالق، ودورهم هو نشر الشائعات وضرب الخصوم بأبشع الألفاظ في ساحات التواصل الاجتماعي، فضلا عن مجاميع أخرى وهم مجاميع «ثرثرة دواوين» يلعبون دورا غير مقصود، وهم بلا أدنى دراية يقومون بتشجيع أطراف الصراع على مبدأ «مع الخيل يا شقرا»، وهناك مجاميع معدنها طيب تسعى لإصلاح ما أفسده مرضى الوادي، ورغم ضعف نفوذهم واتهامهم بأبشع الصفات إلا أنهم مازالوا يقاومون أعاصير المتسلقين، ودائما يسعون إلى دفع السفينة إلى بر الأمان بأقل الخسائر في ظل هبوب الرياح الملوثة بالمصالح.
الطيبون يتساءلون: إلى أين نحن ذاهبون؟ هل مازال البستان بأمان؟
الرياح تضربه والمصائب تحل على أهله، والمشاكل تنتشر كالوباء في ظل الصراعات.
ألم يحن الوقت لتشييد سدود معقودة لسد قوة الرياح؟ فما عاد أهل البستان يتحملون شراسة الفوضى نتيجة رياح أشخاص يُعدون على أصابع اليد.
الأولون أسسوا لنا بستان الخير، ومن أجل مصالح دنيوية ضيقة، هناك من حولوا البستان إلى ساحة مشوهة بالصراعات، وسئمت الناس هذه الصراعات، لذا حان وقت حسمها.