قاعدة المثلث النظيف هي بداية إصلاح أي خلل أو اعوجاج. للتوضيح أكثر فإن عناصر إصلاح الأوطان تكمن في مثلث إصلاحي نظيف يكمن في الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
حتى لو كان الإصلاح في بداية الأمر جزئيا، أراه جيدا كمرحلة تمهيدية للقفز من بوابة الفساد، ما دام انه يتناسب مع الحالة المجتمعية المعكوسة، لأن تحقيق حالة الإصلاح المفاجئ في المجتمعات الفوضوية دائما ما يكون صعبا جدا، وحتما سيتعرض إلى هجمة شرسة من المنافقين السياسيين خاصة المنتفعين من تلك الفوضى، وقد ينتهي قبل ولادته العسرة.
فلو تحدثنا عن العنصر السياسي، فلابد أن يتجلى في وجود شخصيات وطنية نظيفة اليد وتحمل ضميرا حيا تجاه البلد، ويكون همهم الحقيقي هو تطبيق القانون ومحاسبة المتجاوز بمسطرة واحدة، ولو كلفهم الأمر إنهاء حياتهم السياسية بعد صراع قوي مع قوى الفساد، لكن الأهم هي البداية الناجحة في كشف المحاربين لحالة الإصلاح، وهذه النوعية من الشخصيات التي ستدخل ساحة المعركة بالحق يجب ان تكون بلا مصالح وليس لها أي تبعية في قائمة المتصارعين، والأهم من كل هذا هو أن يملكون الشجاعة في مواجهة الفاسدين ولو كان الثمن هو تشويه سمعتهم أمام الناس بأكاذيب وهجوم مستمر، وهذا دائما ما يحدث في مثل هذا الصراعات التي تتجلى بها معركة الخير والشر.
ويبقى الرهن على مواصلة التصدي والاستعانة بالصبر الذي حتما سيجعل الحق منتصرا، لطالما جاؤوا بنية صافية تخلو عن المنافع والمكاسب غير المشروعة.
أما العنصر الثاني فهو المجتمعي، خاصة ان المجتمع هو أساس العملية الإصلاحية في كل بلدان العالم، فلو صلح المجتمع ولو بنسبة أغلبية معقولة حتما سينصلح الحال في كل أروقة البلد، وهذا الأمر يحتاج إلى ثقافة مجتمعية يردعها الولاء الوطني وتهتم في استمرارية وطن تحركه إلى النجاح والتطوير، وذلك يتم من خلال المشاركة المجتمعية السليمة وليس المشاركة المشوهة بالمنافع الفئوية والقبلية والطائفية على حساب البلد، كما هو الحال في كثير من المواقف المثيرة والتي هي أشهر من أن تذكر هنا، وللأسف النفاق المجتمعي الضيق في كسب الاسترزاق الشخصي على كل المستويات هو عين الفساد واصبح ظاهرة قبيحة لا تطاق، وتؤكد أن المجتمعات شريكة بالفساد بشكل كبير حتى لو تظهر عكس ذلك.
أما العنصر الثالث، وهو الاقتصادي، وهذا من أهم العناصر لحياة افضل وديمومة مستقرة دون مشاكل مستقبلية تهز الميزانية العامة للدولة، وطبعا هذا الأمر أيضا يحتاج إلى مختصين من أهله والأهم أن يكونوا من الشرفاء الذين يهتمون بالمصلحة العامة، ويجب أن يكونوا بعيدين كل البعد عن تفصيل ثوب الاقتصاد وثروة البلد لصالح شخصيات مشبوهة في استغلال المال العام، وذلك يتم للأسف من خلال صياغة قوانين اقتصادية موجهة بهدف السيطرة لأشخاص وليس لمصدر دخل جديد يستفيد منه الجميع.
وحسب رأيي، وباختصار، بوجود سياسي نظيف ومجتمع نظيف، وشخصيات اقتصادية نظيفة، هنا اي بلد يستطيع إصلاح حاله ولو بالتدرج.
[email protected]