عندما تنقلك الفنانة المبدعة حياة الفهد بفنها الراقي للعالم الحقيقي وتجعلك تحس بمعاناة الشخصية التي تعالج الحالة الاجتماعية لديها وتشدك عبر أدائها المتميز فتشعر بكل معاناة الأم حين تضيع الابنة تحت تأثير الوهم أو تحت وطأة العاطفة الجاهلة في «ليلة عيد».
المأساة التي وقعت فيها الابنة والتي نقلها إلينا النص الدرامي هي فقدان العفة، ولست هنا بناقدة حتى أدخل في متاهات العمل الأدبي ولست متعمقة في علم النفس أو الاجتماع حتى أتحدث عن الحالة النفسية للفتاة المغدور بها من ناحيتين (الشاب والنفس الأمارة بالسوء) كما أنني أناقش حالة اجتماعية سواء من منظور ديني أو من منظور اجتماعي، لكن السبب الذي جعلني أتطرق لهذه الحالة هو الملحوظة التي أبدتها إحدى الفتيات حين ناقشت معي هذه الحالة قائلة إن المأساة التي عاشتها الأسرة متمثلة في الأم والأب والابنة والأخوة حين فقدت الابنة عفتها في ذلك العهد قد لا يمثل مشكلة للأطراف كلها في العصر الحالي.
تساءلت بما يشبه الجهل عن مضمون ما وصل إلي من رأي وكيف لا يمثل ضياع الشرف في هذه الفترة الزمنية وفي هذا المجتمع الشرقي والمسلم مشكلة؟ وكان الرد الذي فاجأ أكثر هو وجود العديد من الحلول عن طريق الطب لمعالجة هذه الأزمة.
طبعا إن كان الترقيع هو الحل لإنهاء الأزمة العائلية فهو حل قد يفتح نيرانا أكثر حدة وأقسى من فقدان عفة الابنة منها الخداع والغش الذي سيلحق بالزوج الغافل ومنها فتح باب الضياع للابنة والوقوع في الرذيلة والتساهل في الشرف ومنها الرضا بمخالفة الدين والمجتمع.
إن المتابع للحالة المأساوية التي عاشتها الأسرة في «ليلة عيد» في حالة الانهيار الفظيع لأم عاشت المأساة وعانت المرارة من جانبين الغضب على الابنة والخوف عليها والذي جعل المشاهد يبكي تفاعلا معها وموت الأب قهرا وغضب الأخ كل هذه الأمور الطبيعية تجعلك تتفاعل وتشعر حقيقة بمشكلة هذه الأسرة لكن أن تختلف الأمور في هذا الزمان وهذا المجتمع ولا تعد هذه الأمور تشكل أي مشكلة لدى بعض الأسر التي ترى في الترقيع والغش إنهاء لحالة تراها من منظورها المنفتح أنها تحدث وأن الحل موجود وأنها لا تمثل أي مشكلة لها لهي المأساة في حد ذاتها وبداية الضياع لمجتمع عربي وإسلامي وأنها أمور دخيلة عليه داخل مجتمع ذي قيم ومبادئ.
قد تلجأ الفتاة أحيانا أو الأسرة لحل مشكلة عفة الفتاة بهذه الطريقة إذا كان الأمر خارجا عن الاستسلام لعاطفة أو الوقوع في خطأ كما حدث أثناء الاحتلال الصدامي الغاشم من اعتداءات على الشرف دون أن يكون للفتاة حول ولا قوة مع الإصرار على إبلاغ الزوج بما حدث إن كان ذا عقل ودين لكن ضياع العفة بنزوة واللجوء لهذا الحل فهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا.
النقد الذي تطرقت إليه الفتاة بحسن نية وإبداء رأي يجعلنا نثير العديد من التساؤلات هل حقا هذا ما آلت إليه الحال عند بعض الأسر العربية وفي بعض المجتمعات الإسلامية؟
[email protected]