نحن عشنا في زمن جميل، عايشنا كل أنواع الفنون الراقية وتربينا على أفلام الأبيض والأسود وتابعنا فاتن ورشدي، وطربنا لأم كلثوم وعبدالحليم وتمتعنا بفن حبابة التي خاطبت فينا العقل والوجدان وتمتعنا بفن رواد الخليج وعشقنا الكويتي منه فكان عبدالحسين والنبهان وسعاد وحياة.
هذه الأيام فقدنا هرما من أهرام الفن الكويتي واللهم لا اعتراض فهذه سنة الحياة، لكن أعجبت بما كتبه الزميل طلال السعيد، حين نادى بتكريم الرواد أثناء حياتهم لا بعد وفاتهم لنجعلهم يفرحون بهذا التقدير ويعرفون مقدار حب الجمهور لهم وتقدير الدولة لعطائهم.
رحيل أحد الرواد غانم الصالح أحزن بيوت الكويت والخليج وأشعل فراقه نيرانا في كل القلوب. الفنان حين يرحل يحزن الجميع عليه حبا وتقديرا له لأن الجماهير عاشرته لفترات طويلة، فالفن الحقيقي يخلد صاحبه فيعيش سنوات هي أضعاف ما عاش في قلوب وعقول الناس وفي التاريخ.
اليوم مازلنا نستمع لأم كلثوم ونستمتع بكل أغانيها ومازلنا نبحث عن أغاني الحليم وعوض الدوخي ومازلنا نرى رشدي أباظة من خلال القلب والعقل ومازلنا نستذكر دروس مريم الغضبان وفن كل المبدعين الراحلين، الفن الجميل الذي برز من خلال العطاء المتواصل والإخلاص يظل خالدا للأبد مخلدا لصاحبه.
نحن في الكويت بحاجة لأن نركز على مثل هذه الفنون، ومازلنا بحاجة لأن نتربع من جديد على عرش التميز الذي بدأ من أهل هذا البلد الطيب قبل دخول الدخلاء إليه والذين أخذوا أكثر مما أعطوا.
حين بدأت فرقة التلفزيون توسمنا خيرا بأن لهذا البلد مبدعيه الذين يتميزون به ويتميز بهم فكانت المشاركات المختلفة في دول العالم أجمع العربية والأجنبية ولكن ككل شيء جميل في هذا البلد يختفي بعد أن يخبو ويهمل، وكانت نهاية فرقة مبدعة، شاركت وفازت ورفعت اسم الكويت عاليا ولا أدري ما السبب وراء هذا الاختفاء الظالم لها ولأعضائها وللشعب الكويتي المتذوق والراقي.
الفن الجميل غاية كل من لديه حس فني راق أو حتى أولئك الذين لا يملكونه.. لذا شدنا في رمضان السابق العديد من البرامج والمسلسلات التي شعرنا نحن الجمهور العادي من غير المتخصصين بالجهد المبذول من قبل الجميع فيها ونحن نفخر بالشباب المتميز الذي طل علينا من خلال كل الأعمال سواء مخرج أو ممثل أو كاتب أو موسيقي كما نفخر بالرواد الذين يمتعون محبيهم عن طريق الخبرة والمحافظة على أساسيات الفن.
في الكويت العديد من هؤلاء العاملين بإخلاص لرفعة الفن فيه والعديد من المنفذين للأعمال بحرفية واضحة هدفهم إمتاع الشعب ومعالجة القضايا بأسلوب مختلف عن النصيحة المباشرة مضافا اليها التشويق المطلوب والعنصر الجاذب فيتم وصول المطلوب وقبول التوجيه.
دورنا أن نراعي هؤلاء ونشجع على حضور مسرحيات الفن الراقي والهادف والمشاركة في البرامج التي تفيد ولا تضر ونتمنى التوفيق لمن يتعب ويكد بإخلاص. ونسأل عن أسباب غياب المبدعين كالشادي والخراز والحريبي فمن حقهم علينا السؤال ومن حق البعض الشكر ومن حق الرواد التقدير والدعاء لهم بالصحة والعافية حتى يستمر هذا العطاء.
[email protected]