هؤلاء المتحدثون عن حرية الرأي في الكويت يثيرون عندي العديد من علامات الاستفهام، أولئك الذين يطالبون بديموقراطية أكثر أو بحرية صحافة أكبر، يثيرون أسئلة عدة لدي، نحن في بلد تعودنا فيه على طرح قضايانا بحرية وديموقراطية منذ زمن بعيد فالكل يبدي وجهة نظره فيما يرى ويسمع بطرق مختلفة وعبر وسائل شتى.
نحن نملك أن نعلق على كل القضايا بما فيها السياسية دون اعتراض كائن كان، وملكنا حرية التطاول على أشخاص كنا نعدهم رموزا فيما مضى، وصرنا نتدخل في الوزارات كنقاد ومعترضين وراضين أو رافضين، نحن نستخدم النكتة في الوصول لرأي أو في توصيل وجهة نظر بطريقة قد تصل للتجريح والاهانة لبعض الأشخاص وبعض المذاهب وبعض الأحزاب وبعض الأسر والقبائل.
نحن ومن دون بعض الدول الخليجية نعلق على الأسر الحاكمة ونضحك على بعض القرارات ونسخر من مواقف حدثت في بعض المؤتمرات، ونحن ومن دون الكثير من الدول العربية ندلي بدلائنا بديموقراطية مطلقة ودون خوف من أمن دولة أو خلافه، ونحن ولله الحمد من أقل دول العالم وجودا لسجون سياسية، بعد هذه المقدمة أسأل ألا نملك نحن في الكويت حرية رأي؟ ماذا نريد أكثر من هذه الديموقراطية التي وصلنا إليها بجهد السابقين وسلاسة النظام واجتهاد الحاليين.؟
هل هناك حرية رأي أكثر من أن نتحدث عن وزير وننتقد غيره.. هل هناك أكثر من حرية أن تستلم الدواوين عندنا نقد كل القضايا؟ هل هناك أكثر من حرية أن الفرد يكتب ما يريد ويقول ما يريد دون أن يقيد بصورة حادة؟
إن المنادين بحرية الرأي يريدون أكثر مما حصلوا عليه، والحريات إن زادت عن الحد فستنقلب للضد ضد المجتمع والنظام والدين والسلامة.
العديد من الدول تشيد بالحريات الموجودة عندنا وبالديموقراطية التي نملكها ولا يملكونها هم. العديد يفخر ويضرب مثلا بذلك لكننا لا نرى النعمة التي نملكها إلا حين نفقدها.
من العدل أن نكتفي بذلك ومن السلامة أن نقف نرضى بما حصلنا عليه ولنرفض رأي أولئك الذين لا يرون أبعد من الحاضر فهؤلاء ليسوا أوصياء على مجتمع كويتي مثقف ومتدين.. ولنترك لولي الأمر حرية القرار فهو يرى بحكم الخبرة موضع المصلحة العامة لا كما يراها البعض وفق المصلحة الخاصة والشخصية جدا.
نحن ننشد الأمان في بلد اشتهر بالأمان لا نريد أوصياء ولا نريد تأثر ثقافات يريد البعض فرضها ولا نريد مزايدات تضر أكثر مما تنفع ولا أعتقد أن هناك عاقلا واحدا يتخذ المنطق منهجا يرد بعكس ما أقول ففي الفن نحن أحرار المسلسلات والمسرحيات تشهد وفي الشعر والمقال وفي مجالس الرجال والنساء وفي دوائر الحكومة والخاص دليل وفي المجلس داخله وخارجة نتحدث بحرية دون قيد عكس بعض الدول المجاورة التي تخشى الحديث في السياسة حتى مواطنيها داخل البيوت.
الحرية لا تعني الهلاك أو إلقاء النفس في التهلكة ولا تعني التطاول على الآخرين أو طعنهم في شرفهم وخلقهم وأخلاقهم ولا تعني إثارة البلبلة وتعريض الوطن للفتنة ولا تعني التآمر ولا تمس دينا أو عادات أو تقاليد ولا هي حجر على حريات الغير..الحرية في أبهى صورها موجودة، ولله الحمد، في الكويت، والمنادون بغير ذلك لهم من ورائه مآرب أخرى.
[email protected]