لطالما احتجنا في الكويت لمن يوثق تاريخنا، رغم حضارتنا القصيرة المرتبطة بالنفط ومن قبله البحر والغوص، ولطالما تمنينا من يرسم لنا ماضينا وحاضرنا لنقول للعالم ها نحن ذا، ولطالما أردنا أن يعرف العالم معاناة الكويتيين مع الفقر والجوع والمرض والجهل لأولئك الذين يحسدوننا اليوم على نعمة المال ولأولئك الذين يطالبون بتوزيع الخيرات في وقت كان الكويتيون بحاجة لجزء من خيرات تلك الدول الغنية.
أيوب حسين من هؤلاء القلة الذين اجتهدوا بالتركيز على التراث ومحاولات إبرازه بشتى الطرق، لوحات، كتب، أشعار، قطاوي، من يتابع أعماله تفتح له أبواب إطلاع ومعرفة، من يتفحص لوحاته ينتقل لماض جميل في تراثه وعاداته وتقاليده ومبانيه وأدواته البسيطة، يستشف حياة أولئك في لوحة فنية خلدت فنا من فنون العمارة والطرق وهندسة المباني، وضحت أدوات ومجالس وملابس محلية، وضحت صور البيئة والغوص والسفن، تعريف عميق وجلي لحياة الأجداد يستمتع بها من عاصرها ويدركها جيل لاحق فاتته، قلة من الفنانين الذين يتخذون لهم خطا واضحا وهدفا محددا وغاية ملموسة بينة يفنون حياتهم ضمن إطارها فلا يحيدون عنها.
جميل أن يرتبط اسم هذا الفنان بالكويت، بيئة وحضارة وماضيا، جميل أن يكرس الفنان ذاته لغاية محددة تجلب الفائدة لمن يأتي بعده من أجيال متلاحقة، تمنيت لو اقتدى به غيره خاصة في توثيق الغزو بكل ما فيه من أضرار بيئية وجسدية ومادية وحسية وإن طمعت بأن توثق الأضرار النفسية والمعنوية، من المؤكد أن هناك من عمل على ذلك لكن من المؤكد أنهم لم يتخذوه هدفا واحدا تنصب جل أعمالهم حوله.
رحم الله الفنان أيوب حسين فكل ما عمله من أجل الكويت سيكون في ميزان أعماله.. حبه لبلده وتخليده لما مرت به وتعريف الأجيال الجديدة بذلك الماضي ستصبح كالصدقة الجارية، متمنية من باقي الفنانين السير حذوه والاقتداء به، فالفن نعمة من الله نحمده عليها.
عسى أن يستمر حاملا رسالته ابنه الفنان حسين أيوب معلم التربية الفنية سابقا، فقد أهداني يوما لوحة تراثية للكويت القديمة مازلت أعتز بها ومازالت تحتل جانبا من بيتي.
[email protected]