أحيانا يصيبنا ذلك الواجس الداعي للحرية والتنفس بعيدا عن الزوج.. نحن صاحبات نون النسوة.. ناقصات العقل والدين.. لكن تظل تلك الرغبة ناقصة تماما كالصفة التي ألصقت بالمرأة.. تعودت السفر مع زوجي سنوات طوال.. لففنا ثلاثة أرباع العالم أحببنا بعضها وكرهنا بعضها الآخر لتجارب حدثت فيها أو لرغبات لم تر توافقا.. لم أغادر موطني منفردة إلا في فترات قليلة.. مهمة رسمية أو حين عدت لمقاعد الدراسة للحصول على شهادة أرفع.. تحضرني مرة واحدة حين غادرنا نحن صديقات خمس لدبي.. رغبت كل واحدة في أن تكون مدللة كما كان الزوج يفعل لذا فشلت الرحلة.. للسفر مع الزوج متعة تشربنا متعة البقاء معا واحتواء ذات المكان والأهم الشعور بالأمان.
حين تتصفح ألبوم صورك الذي اتخذ شكلا مختلفا عن الورق.. تنظر لعينيه فرحا، تلمس وجهه المبتسم.. تحس يديه وهي تطوق كتفك، من المؤكد لن ترغب في أن تغادر زاوية مكانه ومن المؤكد لن تحلو رحلة من دونه، إذا دعتك ظروفك لشد الرحال بعيدا عنه تذكر أن للزوج مكانته التي لن نغفل عنها تحت بند الحرية والانطلاق بعيدا أو التخلي عن مسؤوليات أجهدت جسدك وعقلك معا، ربما يقول البعض السفر بدونه سيشعل تلك الشرارة المخفية للشوق والوله، إن كان فيه نوع من الصحة إلا أن مكسبه لن يعادل ألم بقائك وحيدا هناك وبقائه وحيدا في مكان آخر.
مجرد البعد تشعر المرأة برجرجة الأرض تحت قدميها.. الشعور بذلك الجزء المخيف من عدم الأمان من هنا تبرز حكمة الدين في وجود المحرم.. لن يسد فراغه شخص ما.. إن كان ذاك الشخص ولدا أو صديقة أو أختا.. يكفي أنه من سيقف معك حين الشعور بالمرض أو الضيق.. يكفي أن يمد لك يد العون في كل ما تطلب.. يكفي أن يسمعك ويحتويك ويطاوعك رغم اختلاف الرغبة والنظرة للأمور.. منذ سنوات كان ابني الأصغر طفلا تركنا الزوج في إحدى مدن هولندا وغادر في مهمة رسمية ليومين لبيت فيهما رغبات الابن وأشبعته تسلية وحين عاد أبوه تلفظ بحسه الطفولي قائلا «انتهت حالة القلق». تحية لزوجي كلماتي هذه.