لندن لها نكهة خاصة عند الكويتيين، ولدنا ونحن نعرفها تماما بفعل الوصاية وتندر الكويتيين بالعم.. يظل لهذه المدينة طعمها الخاص بمبانيها وباصاتها وعلب الهواتف الحمراء التي كانت تضج بالحياة في السابق قبل الموبايل.. الكويتيون من أوائل السياح فيها قبل العلاج وبعده، لها تأثير غريب عليهم رغم رحلاتهم لأماكن عديدة رغم المجمعات التجارية العديدة رغم رغبة التاجر الكويتي بسحب البساط من تحت اكسفورد ومحلاته تظل متعة التبضع فيها قوية.. اليوم مع اختلاف العديد من الأشياء فيها وبقاء العديد من الأشياء متمسكة بماضيها وتاريخها نرفض أن تلبس لندن ثوبا آخر غير المعهود أو المتعارف عليه.. عندما تتغير مبانيها المعهودة يصيبنا نوع من الألم المخفي.. لا نريدها أن تتشابه مع المدن الأخرى.
أبي كان من عشاق لندن وأعتقد أن لندن عشقته أيضا بشوارعها ومقاهيها بالهايد مارك ومحلات الحلاقة بأرصفتها وأشجارها.. سألته مرة لماذا لندن وليست باريس؟ قال اللغة والتاريخ والألفة.. رحل أبي لكن ظلت الشوارع والنكهة والحضارة وضاعت رائحة أبي.
مررت في الشوارع وتذكرته، لم يغب لحظة عن بالي، كل ما علق في ذاكرتي عنه وعن عشق لندن وحب رياضة المشي.. كل زاوية تسأل.. كل شارع وشجرة.. غاب أبي لكن ظلت الناصية هي والشارع هو والحديقة في مكانها.. بقي هنا بعد رحيله.
الأماكن كلها.. محمد عبده يصدح في أذني.. يعيد الحنين لشخص غاب لكن ظلت المدينة تناديه.
[email protected]