لست أدري حقيقة لماذا المرأة هي التي تعبر عن معاناتها.. قيل إن الحصيلة اللغوية المسؤول عنها جزء من المخ أكبر مما هي موجودة لدى الرجل، لذا فمفاتيح الكلام لديها كثيرة قادرة على التعامل مع كل منها بطريقة فريدة، إما صارخة أو معاتبة أو محدثة لكن الجديد أن تكون كاتبة.
في الفترة الأخيرة اقتنيت كتابين أحدهما من مكتبة عربية في لندن والآخر من الكويت ربما لفتت نظري عناوين الكتابين وربما لأن كليهما بقلم امرأة، فالأول «يوميات مطلقة» بقلم كاتبة سورية هي هيفاء بيطار والآخر بعنوان «مذكرات أنثى مختلفة» للكاتبة أنفال الدويسان كويتية. الأول يشد الكبار لطريقة المعالجة واللغة، والثاني شد الجميع لسلاسة اللغة ونوعية الخط والإخراج وما احتواه من تشويق في الحالتين هما من فئة نون النسوة.
لي رواية كتبتها العام الفائت تتشابه مع الروايتين وإن اختلفنا نحن الثلاثة، فالأول يخاطب الرجل على لسان امرأة شابة والثاني يخاطب الحبيب الوهمي والواقعي بلسان مراهقة توقفت عند تلك السن وإن طحنتها تجربة وحيدة أما روايتي فبلسان أم تخاطب ابنا نست في آلامها الزوج والذات وبقية البشر فصارت «رسائل كتبت بدم القلب».
للمرأة قدرة على الشكوى بأساليب مختلفة.. تحقق انجازا عبارة عن بث حي ومباشر لما يفقدها اتزانها وعقلها، هذه الطرق المختلفة للتعبير تشبه الاستلقاء على سرير طبيب نفساني تتحدث إليه وتتحدث متناسية وجوده.. هل للمرأة معاناة أكبر من الرجل أم لأن الرجل تحت بند الذكورية يجب ألا يشكو بحكم مجتمع ذكوري وألا يبكي فهو رجل وألا ينهار فهو من يعتمد عليه؟ من بند البشر فكلاهما يحس ما يحسه الآخر، ضغط وعمل ووظيفة.. زواج يقلق.. مسؤولية أبناء.. حنة ورنة.. لا بد أن يطمح الرجل لأن يجد من يستمع إليه قد يكون رفيق دراسة سابق أو رفيق رحلة أو مجالس ديوانية. لابد أن يكون للرجل معاناته وإن اختلفت بعض الشيء عن المرأة لكن طبيعة الخلق والتركيب إحدى الأسباب وحساسية المرأة.. ذلك الفص المختلف من المخ الداعم للغة ومقدرة على الكلام.. دموع التماسيح التي اشتهرت بها.. أشياء عديدة، لكن لم يمر علي كتاب يتحدث به الرجل عن معاناته الخاصة جدا ربما كان لكن لم تصل إليه يداي، ربما بطبيعة المرأة أتشارك مع عنوان يتحدث عن معاناتها ربما وربما أتذكر حين سئلت في مقابلة إذاعية عن الرجل فتحدثت عن تجربتي في كتابة بعض القصص القصيرة على لسان الرجل، فمن ينصفه إن لم يكن من جنسه!
[email protected]