هيا الفهد
النقاش في الكويت داخل أي من الحوائط المغلقة، دواوين أو مدارس أو جهات حكومية أو حتى منازل المواطنين هو نقاش سياسي قد يصيب وقد يخيب، لكن يظل الولوج في تذمر أو مدح أو حتى خناق صفة المواطن الكويتي، ربما بهدف إيجاد حلول غير مسموعة للعديد من المشاكل أو كنوع من التنفيس عن مكنون النفس والتألم لحال بلد يتراجع أكثر مما يتقدم.
قديما ذكرت أن المواطن الكويتي يكبت مشاعره وآلامه وأفكاره وبالتالي يصاب بالعديد من الأمراض النفسي منها والعضوي، أما في الفترة الأخيرة فتغير الحال وتبدل رد الفعل، فحل النقاش والجدال وفقد الأعصاب، لكن اللافت للنظر أن الكويتي لا يتحدث إلا فيما يعيه ويفهمه ويدرك أبعاده بينما بعض الجنسيات لا تقبل بكونها لا تفهم فتفتي بما لا يعنيها أو تتحدث فيما لا تدرك معناه.
باعتقادي أن الشارع الكويتي أفضل بكثير من غيره في طرح بعض الأمور للنقاش أو في نقاش بعض القضايا وإن لم يتخذ خطوة أكثر إجرائية من مجرد الجدال، فغالبية الشعوب حين ترفض وضعية ما لأمر سياسي أو قضية رأي عام تتفاعل بحركة وتعبير جسدي أكثر من كونه نقاشا وحوارا، فتفرض المبدأ المتخذ بصورة تجبر قياديي الوزارات على تنفيذه وتبنيه لكن يعجبني طريقة المواطن في تبني قضاياه، صورة معكوسة تدل على أخلاقيات عالية وتمسك بمبادئ الإسلام وأخلاقيات المهن التي ينتسبون إليها.
يعجبني المواطن بطيبته الأزلية وإن تغيرت في الآونة الأخيرة بعد صدمتنا بالعديد من الدول الشقيقة والصدمة الكبرى بالاحتلال العراقي، لذا لا يلام حين تغيرت بعض مساراته ونظراته للأمور، لكن يظل النقاش سمة يتصف بها الشارع الكويتي، النقاش في كل الأمور وكل يدلي بدلوه، قد يكون نقاشه مزعجا في بعض الأحيان يثير العديد من التساؤلات لدى الآخرين وقد يكون نقاشه هادئا يوصل رأيه للغير بسلاسة وقبول وقد يكون ما يتفوه به تافها ولا معنى له فلا يقف عنده الغير.
المهم أن الرأي العام لدى الغالبية حول قضية ما يكون فيه ما يشبه الاتفاق بين الكويتيين سواء كان الاتفاق اتخذ الصورة الايجابية أو انتقل للسلبية، والقضية أيا كانت جوانبها سياسية أو اجتماعية أو دينية أو حتى علمية تدار بأسلوب النقاش في جميع الأماكن ولدى جميع الفئات.
وقديما كانت السياسة حكرا على الذكور لإدراكهم طبيعة الموضوعات واليوم بعد انتخابات 2006 و2008 ودخول المرأة عالم السياسة اتسعت الدائرة في نقاش الموضوعات لدى النساء وبجميع الأعمار والدراسات العلمية حتى المرأة الأمية منهن.
فمريح ذاك النقاش الكويتي في قضايا البلد لكن الأحلى العمل بصورة جادة وسليمة لقضاياه حتى تعود الكويت منارة الخليج كما كانت.