هيا الفهد
النقد سلاح ذو حدين قد يرفع من ينتقد وقد يسقطه في متاهات الخطأ والظلم والتعرض لعرض وشرف وإخلاص فحين يقف الفرد منا ـ وليس بالضرورة أن يكون كاتبا أو محررا ـ عند أمور عدة اجتماعية كانت أو سياسية أو أخذت الجانب الاقتصادي أو حتى الفني والأدبي فهو ينظر إليها من زاوية المصلحة العامة لا الشخصية ومن مبدأ العلاج والبناء لا الهدم، ينظر للأمور بحيادية مطلقة وموضوعية أكثر تطرفا لا يهدف لعناد أو يضمر في داخله شيئا للذات المنتقدة ولا يقصد تجريحا أو الخوض في أمور لا يدركها ولا يعرف عن قوانينها شيئا ولا يتعرض لاسم أو أصل أو عائلة ولا يهدف لمصلحة أخرى مخفية ولا يقصد منفعة كائن آخر يحركه كما لعبة الأراجوز.
إن ما نراه من شكاوى عبر وسيلة الإعلام الأكثر شعبية ـ السلطة الرابعة ـ ما هو إلا امتداد لتحور حول الذات والذات المطلقة والمتمثلة في المصلحة الشخصية دون غيرها وإن تشرد بمفردات إن كان ورائها مصلحة بلد أو عمل أو قصد من وراء ذلك هدف سام لكنه في ذات الوقت يجهل قوانين تحكم المهنة وشروطا وضعت من قبل صانعي القرار وافتراضات غير صحيحة إن دلت على شيء فإنما تدل على اللامنطقية وعدم الوعي أو الإدراك لحقيقة الأمور فلا شيء يهم إن كان المقصود الوصول للغرض الدنيوي ولمصلحة النفس ولا يهم أن تضرب قوانين أو تنتهك سمعة واسم.
أحيانا يأخذ الموضوع الجانب الآخر تحت بند النقد ألا وهو المدح والمبالغة فيه أيضا دون عقلانية أو منطقية، المدح للوصول لغاية محددة، المدح نوع من النفاق الخفي، المدح لأجل غاية ليست هي بالضرورة المصلحة وليست هي للارتقاء بعمل أو توعية في جانب ضروري ومهم وليست هي نوع من الشكر المغلف لشخص مخلص في عمله نشيط في أدائه وإنما لحاجة في نفس يعقوب.
نحن نمدح وننتقد ولكن في ظل خشية الله، المدح لمن يستحق وغالبا ما يستحق ذلك الجندي المجهول والعامل في صمت والمتخذ شعار الخوف من الله وننتقد بهدف الإصلاح واقتداء بالرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) طلب أن نصلح وألا نكون كالشيطان الأخرس، ولكنه نقد لا نهدف من ورائه مصلحة ولا نتخذ التجريح أسلوبا ننقد ونمدح بعد أن نكون قد درسنا الموضوع من جميع جوانبه وأدركنا كنه الأشياء وقوانينها وعرفنا لماذا هي هكذا ومن هو وراءها وانها ليست فوق القانون لا نقصد تشهيرا ولا الخوف في أمور قد ترتد نتائجها علينا وهذا ناتج ما هو حاصل حاليا فالصامت أحيانا عن الانتقام أو معاملة الآخرين بالمثل ليس بضعيف بل هو من القوة والمتسامح عند المقدرة فالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) حين قال «اذهبوا فأنتم الطلقاء» كان الأقوى والأفضل وكان بإمكانه قتل الكفار في حينها وتخليص العالم منهم لكن عندما يكون الإنسان منا باله طويل وقادر على لجم حالة الغضب لديه يدرك جيدا أن الله جعل له من يرد عنه وأن الحقيقة ستبرز حتى لو حاول أولئك الفاشلون والحاقدون طمسها، وأن القوة كل القوة في تطبيق القانون لا مخالفة له، هؤلاء الذين يريدونك أن تسير على هواهم أن تكون معي وإلا فأنت ضدي طرفان قطبيان، متناظران ذلك المادح لمن لا يستحق المدح وذلك الناقد بحقد لمصلحة خاصة وكنوع من التجريح وكلاهما لمصلحة شخصية بحتة، الإسلام طلب الوسطية فخير الأمور أوسطها والإسلام نادى بالعدل وبعدم التطرف أو المبالغة في رد الفعل، والإسلام مبدأ ودين يأخذ به ذلك السليم العقل والبدن والمنطق والدين ويحيد عنه من لا عقل لديه ولا فكر، فاللهم اجعلنا ممن ينقد للمصلحة العامة ولمصلحة وطن أعطى بلا حدود ولمصلحة مجتمع طيب وجنبنا هؤلاء الحاقدين والمنافقين.