هيا الفهد
المثالية كلمة كبيرة المعنى، عميقة المضمون تحدث دويا كبيرا في نفس صاحبها ولكن بالنسبة للآخرين قد تأخذ طريقين متوازيين ومتنافرين ينظر البعض إليها نظرة ايجابية على إنها شيء جميل في واقع مر وأنها جزء من مبادئ الإسلام العظيمة ولو اكتملت هذه المثالية لدى جميع أفراد المجتمع لتحول من حال إلى حال، ولما ظهر لدينا الفساد بكل أنواعه الإداري والأخلاقي ولما تأخرت أمة كان يشار إليها بالبنان ولما انهزم وطن كان من المفروض له التقدم ولما انهارت قيم جميلة ولما تأخر مجتمع ما.
فالمثالية مرغوبة لدى الفئة التي تنظر إليها من هذه الزاوية، تحترم صاحبها وتقدره، تعينه في عمله وتسانده في سلوكياته لأن لكل ذلك أثرا على الكل وعلى الأرض والوطن، ويا حبذا لو اعتنت الدراما الكويتية بهذا الموضوع وركزت عليه لتعطي الجانب المشرف لمجتمع مسالم طيب، على ألا تبالغ وبالتالي تبتعد عن الواقعية في الطرح.
لكن هناك من ينظر للمثالية من زاوية مختلفة وكذلك لصاحبها على أن المثالية لا تنفع أي طرف في هذا الزمان بل على العكس قد يظن البعض أن المثالية دليل ضعف ومخالفة لواقع يفرض فيه القوي نفسه وينتصر الخطأ والشر على الصواب والخير، لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وتظل المثالية هي النور المقتبس من دين ورب إن خسر صاحبها حقه في الدنيا فلابد أن يحصل عليه في الآخرة.
حين يخسر الفرد ثقته بالغير تتغير معالم الوجود وتتحول لحياة مختلفة تجهل دروبها، فالثقة هي أساس العالم البشري الذي نعيشه هي عقيدة ومبدأ، هي ما اعتمده رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في كل تعاملاته، هي شعار اتخذه الكويتيون في زمانهم الجميل وعصرهم المسالم، هي البداية وانعدامها هو النهاية، فحين نثق بمن حولنا يغلف العالم بلون وردي هادئ جميل يعطي الانطباع الحسن للكلمة، وللنظرة، فكيف يعيش الواحد منا إذا سيطر الشك على حياتنا؟ إنها والله تنقلب إلى جحيم دنيوي فأصعب شيء في هذه الحياة الشك، وأنا متأكدة أن الشك لا يأتي من فراغ فلا دخان من غير نار، لكن لو نظرنا نظرة فاحصة للتعاملات المختلفة بين أفراد المجتمع البشري لأدركنا هذه الحقيقة الكريهة وهي سيطرة الشك وانعدام الثقة، نحن لن نمد يدا لمن طعننا في ظهورنا لكن في الوقت نفسه نخشى أن نمد اليد للآخرين خشية أن نلقى منهم ما لقيناه من غيرهم، الثقة تعني السلام، السلام مع النفس ومع الغير، يعني أن تسير حياتنا في طريق سالك لا تعرجات فيه أو مطبات، أن نضع رؤوسنا على «المخدة» فننام بهدوء «كطفل هده اللعب»، وأن نشعر بالصفاء الداخلي، اليوم الشك هو المسيطر، وهو الذي يقلق حياتنا ويشل تفكيرنا ويسيطر بقسوة على قلوبنا، أتمنى من كل قلبي عودة الثقة لكل قلب وعقل وحياة كويتي ومسلم.
[email protected]