هيا علي الفهد
حين كنا تحت الحماية البريطانية أثر الإنجليز علينا فدخلت مفردات إنجليزية على اللهجة الكويتية، وتعلمنا بعض عادات الانجليز وتعرفنا على منتجاتهم وبتنا نعتز ونربط الجودة بها، كما ظهرت بعض الأمثال التي توضح موقف الكويتي من الانجليز، هذا كان فيما مضى، أما اليوم فنحن الذين غزونا لندن ولكن من دون معارك أو حروب أسلحة أو جيش بل غزوناها سلما.
لندن في بداية الثمانينيات كانت جميلة، نظيفة، مرتبة، قوانينها رائعة وناسها مختلفون وشوارعها يضرب بها المثل، وكنا نرى الانجليز في محلاتهم التجارية، وفي مراكز التسوق، أو الحدائق والشوارع يديرون كل ذلك بأنفسهم بملامحهم الجميلة وبشرتهم البيضاء وشعورهم الشقراء وعيونهم الملونة.
وبعد ما يقارب الثلاثين عاما لندن لم تعد لندن، شاخت المباني والشوارع واختلفت الأنظمة وتغيرت ملامح السكان فلم نعد نرى العيون الملونة إلا ما ندر بل لم نعد نسمع اللغة الانجليزية، صرنا نسمع العديد من اللغات وقد طغت عليها وتحول اللون الأبيض للناس إلى الأسمر، وتغيرت ملامح البشر حتى تظن أنك في آسيا أو أفريقيا، لكن أبدا لست في المملكة المتحدة أو بريطانيا العظمى. اليوم حين تسير في اجور رود ترى اللغة العربية قد طغت وسيطرت ليس في الصيف فقط وإنما على مدار العام، محلات عربية ومقاه عربية، وعادات عربية، وكذلك توجد بضائع عربية وباعة عرب.
بت ترى «استكانة» الشاي تدور على طاولات المكان، ودخان «الشيشة» يلوث المكان برائحته العفنة.. والغترة والدشداشة والبرقع والنقاب والحجاب لتكمل كل ذلك العباءة الخليجية حين تمر بين يديك.
نحن غزونا لندن، غيرنا معالم الحياة فيها، بدلنا ألوانها ومبانيها، حتى حركة السيارات فيها تغيرت، أدخلنا أغانينا، عرضنا أفلامنا في سينماتها، جعلنا الانجليز يتحدثون بمفردات لغاتنا، وبدل أن نتعلم النظام منهم أثرنا على أنظمة حياتهم، ولم يعد للانجليز موطأ قدم في أرضهم، هرب الانجليز من لندن وتركوا لندن لغير أهلها وكأننا نتأثر منهم حين استعمرونا بقوة السلاح وقوة النظام فاستعمرناهم بهجرة البعض إليهم ولجوء الآخرين وسياحة الأطراف الأخرى، فتغير فيها كل شيء، لدرجة أنك تسير فيها فلا تدرك أنك فيها.
أذكر في عام 1980 صرخت امرأة فينا رافضة وجودنا في لندن وكنا قلة، لتأت هذه المرأة اليوم لترى كيف غدت لندن، وكيف أصبح الانجليز فيها هم القلة!
[email protected]