هيا علي الفهد
حين صادفت ذلك العربي في أحد باصات لندن ودار الحوار، أدركت حقيقة مُرة هي أن العرب لا يعرفون شيئا عن الكويت في فترة درسنا ودرّسنا أبناءنا تاريخ كل الدول العربية وغرسنا قومية لا منطقية لها.
سألني ذلك الغريب هل أنت عراقية؟ سؤاله هذا حرك داخلي غضبا عنيفا، ورفضا للفكرة والسؤال. تعجب لكمية الاعتراض الصادرة مني، وتعجبت أنا ردة الفعل لديه، فذكرته بالغزو، وأجاب بسؤال أكثر غباء أليست الكويت جزءا من العراق؟ ناقشته عن معلومته تلك، فقال إن العراقيين يقولون ذلك، فقلت هل كل ما يقولونه صحيح؟ ودخلت معه في التعريف بتاريخ الكويت وتاريخ العراق، وشرحت له ما حدث من مآس داخل الكويت أثناء الغزو العراقي، تعجب ووضح أنه لا يعلم شيئا وعملت له مقارنة بين ما يحصل داخل الأراضي المحتلة من قبل اليهود وما حدث من العراقيين من قتل واغتصاب وتعذيب ونهب وسلب داخل الكويت.
المؤلم ما رأيته من تعاطف مع العراق كبلد محتل من قبل أميركا، بينما لم يكن مثله من العرب للكويت حين احتلت من قبل العراق، وتساءلت بمرارة أيهما أصعب وأقسى احتلال بلد عربي مسلم من قبل آخر عربي ومسلم أم العكس؟ سكت صاحبنا لأنه لم يملك الإجابة أو القدرة على الرد. أوضحت له أن ما يصدر عن اليهود من غدر لا يعادل 1% مما صدر من العراقيين وأعوانهم أولئك الذين ساندوهم طمعا وغدرا. وقلت إن ما يحدث الآن للعراق ما هو إلا عقاب من الله عز وجل الذي يمهل ولا يهمل وهذا ما اقترفته أيديهم.
نحن لا ندعي المثالية أو الكمال في القيم والأخلاق ولكن المتفق عليه أن الكويت بلد مسالم لا يقابل الإساءة بالإساءة وإن كنا نتمنى داخل أنفسنا كمواطنين ذلك، خاصة حين ينظر الغير لهذا التسامح كنوع من أنواع الضعف، من هنا أقول كفانا غباء وضعفا. مددنا الخير للكل وحين احتجنا إلى الكل خذلنا البعض، وهذا ما أوضحه ياسر عرفات حين قال دول الخليج يكفي أن «تقبل» الرأس فينسون ما وجه إليهم من غدر.
نحن اليوم بحاجة لصحوة، لأن نعرف أن النفس هي الأهم والوطن هو الأهم، أن ننسى الإيثار للغير والتضحية من أجل الآخرين وأن نفكر لأنفسنا ولوطننا، حين اتخذ هذا المبدأ الرئيس الراحل أنور السادات عارضه مدعو القومية آنذاك، لكن نظرته كانت سليمة لأنه تطلع للغد ولم ينظر لموقع قدميه وأخرج بلاده من حروب لا معنى لها وغيّر تاريخ مصر وبدأت التنمية وظهر ذلك عليها كشعب ودولة.
أتمنى من كل الذين ينادون في الكويت بقومية جوفاء أن يستفيدوا من نظرية السادات، لأن الوطن والوطن فقط هو المهم.
[email protected]