عندما تعصف بنا ريح الألم ويطوقنا اليأس نتيجة ما آلت إليه ظروف البعض منا ويزمجر داخلنا اعتراضا على واقع هش وعالم ميئوس منه ننظر للأعلى، حيث النجم الأوحد في سماء الرب الأوحد ونتساءل هل من أمل؟ هل من منطق نفسر به ومن خلاله هذه التجارب المؤلمة التي نمر بها لنردد من منطلق إيماني قائلين «اللهم لا اعتراض»، فكل ما يحدث ما هو إلا من إرادة الله واختبار منه عز وجل.
وما في أنفسنا من شعور بحزن كريه وجروح مؤلمة قد تكون لأيدينا دخل فيها وقد يكون بعضها بفعل تفكير أرعن وخطوات عرجاء، وان الإنسان لا يمكن ان تكون حياته كلها على مدى عمره ان طال وإن قصر عبارة عن ابتسامة من فم طفولي، فتقلبات الحياة تحدث شئنا أم أبينا معنا ومع الآخرين أمس أو اليوم أو في الغد، تقلبات أشبه بجو بلادنا الحبيبة، التي لا تعرف سماؤنا فيها أيام المطر أو سويعات الغبار. أشهر الصفاء أو أسابيع الرطوبة التي تتغلغل داخل الصدر فتسد لدينا مسامات التنفس.
وكما للنهار فترات تغدو لليالي فتراتها، وكما للصباح بزوغ يبقى المساء عالقا في الفضاء ينتظر السيطرة وإعلان الوجود.
انما الإنسان الذي يتصف بالأنانية والطمع لتظل الرغبة الأولى هي إطلالة الصباح فقط وهي شروق الشمس دون غياب وهي صحو السماء دون غبار أو مطر وهي لحظات الهدوء دون ان تتخللها شقاوة أطفال أو صياح آخرين، رغبتنا ان تظل حياتنا تسير في طريق ذي أسفلت ناعم وعلى أرض منبسطة لا تطل علينا مطبات أو تدنو من أقدامنا حصاة.
نريد ان تكون فصولنا كلها ربيعا وجميع أيامنا نهارا وجميع ما يدور في رؤوسنا حلما جميلا لا كوابيس، لنصحو على واقع ان لم يكن مرا أقول انه مختلف في خطوطه العريضة وتفاصيله الدقيقة. واقع ان يقرص أطراف أيدينا، فيصيب حركتنا بعطب وأعصابنا بتنميل يشل حركتنا بعض الأحيان لكن لا يوقفها للأبد.
فنتساءل من أين تأتي تلك الكلمات كأننا في حجرة مظلمة ندرك ان في زواياها عدوا يقذفك بحجارة من حيث لا تدري ويلكمك بقبضة قوية من حيث لا تراه فتضطرب وتتبعثر وتتعثر وتسقط وينزف الدم منك من فم وأنف وجبهة، تقف متأرجحا تشتم رائحة الدماء والعرق فتتقلب أمعاؤك وتستفرغ من دائرة معتمة لتزداد الرائحة عفنا وتصاب بنوع من الدوار المحموم قد تفيق بعد فترة. تنتظر.. تتساءل ماذا حدث ولماذا حدث معك ومعك أنت بالذات؟
أيها المجنون المغفل الذي يشدك للدرك الأسفل من فقدان العقل وان كان فقدان العقل فيه راحة لك من آلام تسيطر على نفس مهزومة وقلب مكسور وجرح لا يعرف كيف يندمل، ليظل السؤال الأهبل العالق أمام ناظريك. هل من أمل؟!
[email protected]