الغريب في دول الخليج رغم ثرواتها الطبيعية ومتانة اقتصادها أن الحكومات فيها عند الحديث عن الإصلاح الاقتصادي تتجه البوصلة تلقائيا الى المواطن البسيط من خلال اعادة تقييم الخدمات والدعوم وهو ما يؤدي الى مشاكل اقتصادية واجتماعية اخرى من ابرزها تآكل الطبقة الوسطى في المجتمع وتحوله الى طبقتين الاولى غنية، والأخرى فقيرة وبالتالي تعطل التنمية الحقيقية في المجتمع وضياعها بين طبقة تسعى لزيادة ثرواتها وأخرى منشغلة وقلقة تجاه توفير الحد الادنى من الحياة الكريمة.
وهنا تظهر مشاكل اخرى يصعب علاجها وليس المجال لاستعراضها.
ولكن السؤال لماذا بين فترة وأخرى تطلق التصريحات والتسريبات عن فرض الضريبة؟ فهل ما يحدث ليس سوى بالونات اختبار لقياس مدى تقبل الرأي العام لمثل هذه الأفكار أم أن الأمر جدي وما يحدث ليس سوى احدى خطوات فرض الضرائب؟ وأيا كان الهدف السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تتجه بوصلة وأفكار جهابذة المستشارين الاقتصاديين الى جهة اخرى غير المواطن البسيط الذي اصبح هذا الامر بالنسبة له بمنزلة الكابوس؟
ولماذا لا يكون هذا الفقير آخر خطوات الضريبة والذي من المفروض أن تأتي لمعالجة أوضاعه المتدنية كما هو الحال في دول اخرى.
لدينا في الخليج الكثير من البدائل للبداية بالضريبة بطريقة تجعل الجميع يتقبلها ويقتنع بأنها جزء من حل الكثير من المشاكل لا أن تكون عبارة عن جباية لا تدري أين تذهب أموالها ولا يرى المواطن والمقيم أي اثر لها في حياته اليومية ومستقبل ابنائه.
وإن كانت الحكومات الخليجية جادة في أن تكون الضريبة لتطوير الخدمات ودعم الاقتصاد عليها أن تبدأ بضريبة الأرباح على الشركات الكبرى وفرض ضرائب على سلع ضارة لمعالجة جوانب سلبية اخرى ومنها على سبيل المثال السجائر.
وأن يكون التطبيق بشكل تدريجي الشركات ثم السلع الضارة ثم الأثرياء من خلال فرض ضريبة على سلع الأثرياء فمن يشتري يختا بملايين الدولارات يجب ان يدفع ضريبة، ومن يشتري ساعة الماس بمئات الآلاف يجب ان يدفع ضريبة.. وهكذا.
على ان تذهب هذه الضرائب لدعم السلع والخدمات الضرورية مثل مطاحن الدقيق والأدوية والكهرباء والمياه.
وهنا ينطلق قطار الضرائب بشكل صحيح وتكون النتائج ملموسة وان كانت هذه الخطوات غير كافية يمكن أن يكون المواطن المحطة الأخيرة، وبالتالي ستكون الفكرة مقبولة ولكن بشرط أن تكون نتائجها ملموسة وليست كلاما انشائيا وخططا وهمية وشكلية لا تستخدم سوى في المؤتمرات الصحافية واللقاءات التلفزيونية.. هذا ودمتم.
[email protected]