هند الشومر
تصيب الإنسان أحيانا انفلونزا مختلفة عن الانفلونزا المعروفة لدينا وهي التي يمكن تسميتها بـ «انفلونزا العقول»، وهذا النوع من الانفلونزا موجود منذ الأزل ولكن مع الأسف لم يتوصل الطب الحديث لتشخيصه مثل باقي انواع الانفلونزا، وانفلونزا العقول عندما تصيب الإنسان مهما كان علمه أو منصبه تجعله يتصرف دون عقل، فالمسن يتصرف في حال إصابته بها كالمتصابي، والعاقل يتصرف كالمجنون، والمنحرف يتصرف بشذوذ غير طبيعي.
انفلونزا العقول عندما تصيب أحد العاملين او أصحاب المؤسسات الفكرية او الثقافية أو الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية فإنها تجعلهم يتصرفون بلا مبالاة تجاه الكثير من الأمور مما يؤدي الى الانهيار التام للأسس والمبادئ الموجودة والى الانحراف في سير العمل والتأخر والتردي والضلال.
ولكن كيف نعالج انفلونزا العقول؟ علاجها بسيط ومعروف، فلكل إنسان طاقة ولا يستطيع ان يعمل وينجز بأكثر من طاقته البشرية، فقد وضعت القوانين والقرارات المنظمة سواء من مجلس الخدمة المدنية أو من مجلس الوزراء، وهذه القرارات والقوانين لم يتم وضعها للقراءة والاحتفاظ بها فقط انما يجب تنفيذها بحذافيرها إن كنا نسعى الى تحقيق التنمية في البلاد، فالموظف مهما كان منصبه إذا امتدت فترة خدمته في العمل الحكومي وتعدت الفترة التي حددها مجلس الخدمة المدنية يجب ان يتم تحويله الى مستشار ان كانت انجازاته عظيمة ولا يمكن الاستغناء عنه، او إحالته الى التقاعد إن كانت هناك بعض التجاوزات في المؤسسة التي يتبعها وبعض الشوائب التي تصاحب عمله حتى يتطور العمل ويرقى الوطن وتزدهر البلاد ولا تتأخر وتتردى.
ويجب استبعاد من كانت له تجاوزات في المؤسسة الحكومية التي يعمل فيها عن مكان عمله لأنه يكون قد أصيب بإنفلونزا العقول، وداعي هذا الاستبعاد هو ألا تستفحل حالته وتؤدي الى الجنون، ومن ثم ضخ دماء شابة جديدة في هذه المؤسسة حتى نقضي على انفلونزا العقول من الانتشار فيها وحتى لا تتهالك المؤسسة وبالتالي يصبح إصلاحها مستحيلا.
إن انفلونزا العقول تجعل المصاب بها غير مدرك لتصرفاته وأحاديثه وعمله، وتجعله يتخبط في عمله وتصرفاته لذلك يجب علاج المصاب بها سريعا وإبعاده عن العاملين معه حتى لا ينتشر مرضه بينهم ولذلك يصبح عزله عنهم أمرا لا مفر منه حتى نقضي على هذه البؤرة المصابة وحتى لا تنتقل العدوى للآخرين، فالقوانين والقرارات التي تضعها الدولة تنظم حياة الناس وتقضي على أي مرض أو وباء ممكن ان ينتشر بينهم، وتطبيق هذه القوانين والقرارات أمر حتمي لمنع حدوث الإصابة بإنفلونزا العقول، حمانا الله جميعا من انفلونزا العقول!