تنفق الدول من الميزانيات على بند الصحة بهدف تحقيق الصحة وليس فقط علاج الأمراض لأن هناك فرقا كبيرا بين تحقيق الصحة حسب تعريف كلمة الصحة من قبل منظمة الصحة العالمية ومجرد الخلو من الأمراض والعاهات، فهناك الصحة النفسية والسعادة والصحة الاجتماعية بالإضافة إلى الصحة الجسمانية والخلو من العاهات.
وقد كانت أرقام الميزانية في السابق متواضعة ومحدودة بسبب انخفاض أسعار النفط أو الالتزامات الأخرى مثل الدفاع والأمن والتحرير وغيرها، وفي السنوات الأخيرة تضاعفت ميزانية الصحة بصورة غير معهودة لم تشهدها البلاد من قبل، وكان من المتوقع أن يكون مردود الميزانية الكبيرة للصحة اهتماما أكبر بتعزيز الصحة في جميع مراحل العمر ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ويبدو أن رياح العلاج في الخارج جاءت عاصفة بما لا تشتهي السفن فاستنزفت ميزانية الصحة لدرجة أنه يتردد أن العلاج في الخارج تبلغ تكلفته أكثر من تكلفة الرعاية الصحية الأولية بأكملها، وهذا يعني أنه لا يوجد تخطيط علمي وأن العدالة مفقودة في الإنفاق على الصحة.
وقد وضعت الصدفة أمامي تقريرا مهما أصدرته وزارة الصحة عن تكاليف الخدمات الصحية والإنفاق على الصحة فأصابني الذهول والغثيان مما قرأت من أرقام يصعب تفسيرها وتحتاج إلى خبرات متخصصة في الاقتصاد والمالية العامة ليفسروا لنا ما سجلته تقارير الصحة من مبالغات يصعب تصديقها إن كان مؤلفها من خارج الصحة، فأين تذهب ميزانية الصحة في مرحلة عجز الميزانية العامة والاتجاه لزيادة أسعار البنزين لسد هذا العجز؟