لقد سعدت بإهدائي كتاب «كنت أول ممرضة في الكويت» من الزميل صالح المسباح واستمتعت بقراءته، حيث كان أسلوبه بسيطا جدا وحجمه صغيرا وقد ألتمس العذر للكاتبة الممرضة بلكه كونكور تركية الأصل على بعض الأمور التي لم تكن دقيقة في الكتاب ولكن أشكرها على حرصها على توثيق بعض الأحداث التي مرت بها أثناء تواجدها في الكويت في عام 1952 ولمدة 9 شهور.
ولكن من يقرأ كتابها يعرف أنها عملت في القطاع الخاص في عيادة خاصة وكان يتم تحويل الحالات المعقدة إلى المستشفيات الحكومية ولذلك فقد كان احتكاكها بالمجتمع محدودا، وقد شرحت بعض اللمحات العابرة التي مرت بها أثناء عملها في العيادة.
وقد ذكرت الممرضة في كتابها أنها رأت الصحراء المترامية الأطراف ثم ظهرت لها بيوت طينية اللون من أسفل الطائرة مرتبة على هندسة رباعية كالثكنات العسكرية عندما كانت بالطائرة، ولكن بعد وصولها الكويت وجدت المباني المتطورة والسيارات الحديثة ولم تجد الجمال كما كانت تتوقع وكانت العيادة والبيت مؤثثين بنفس الأثاث الأميركي الذي شاهدته بفندق هيلتون في اسطنبول، حيث إنها توقعت أن تسكن في بيت من الطين الأحمر قبل قدومها من تركيا.
وما يصعب تصديقه في كتابها أنها ذكرت أن الأوروبي كان يحاكم في محكمة انجليزية اختصاصية في القنصلية البريطانية إذا ما ارتكب جنحة أو شذ عن القانون وكذلك أنها كانت تصاحب د. ناجي صاحب العيادة التي تعمل بها عندما يذهب إلى أي عرس (للرجال) وتبقى في السيارة وتصف العرس وصفا دقيقا من خلال تواجدها بالسيارة، بالإضافة إلى قولها إن الكويتيين يمنحونها البقاشيش عند زيارتها العيادة وكانت في البداية تخجل من أخذها ولكنها بعد ذلك تعودت عليها! ولكن ما شد انتباهي في كتابها أنها زارت مستشفى الإرسالية الأميركي وكان متطورا ومزودا بالأشعة وآلات فحص القلب ومختبر وصالة عمليات، وكذلك أن مواطني الدول المجاورة كانوا يأتون للكويت للعلاج لتوافر الخدمات المتطورة فيها وهذا يدل على تقدم الكويت في المجال الصحي، فقد كانت النواة لدول الخليج للعلاج وأن المستشفى الأميركي كان موجودا قبل مجيئها ولذلك لم تكن هي أول ممرضة في الكويت ولكن يمكن أنها كانت أول ممرضة في القطاع الخاص.
وأتقدم بالشكر الجزيل للباحث صالح المسباح على الإهداء القيم، وأتمنى أن تحافظ الكويت على تقدمها وتطورها في المجال الصحي كما كانت سابقا لنستعيد العصر الذهبي في الصحة وتعود الكويت عروسا للخليج كما كانت.