الذمة المالية هي مجموعة الحقوق والالتزامات المالية التي تترتب للشخص في الحال والمستقبل، وإقرار الذمة المالية وإفصاح الشخص عن ممتلكاته لم يعد سرا سواء الآن أو في الماضي، فقد نقل عن الخليفة الراشد عمر الفاروق رضي الله عنه أنه إذا أراد أن يولي أحدا كتب ماله قبل أن يبعثه إلى مكان ولايته، وإن إقرار الذمة المالية هي بمنزلة وثيقة براءة وليست وثيقة اتهام وتعبر عن الشفافية وهذا ما تقتضيه السياسة الشرعية.
ولا بد من الكشف عن الذمة المالية لجميع الموظفين في جميع الدوائر الحكومية للكشف عن أي فساد قد يحدث، خاصة عندما يتضخم مال أحد الموظفين او المسؤولين أو تزداد ممتلكاته من بيوت وأراض وسيارات... إلخ.
وهناك بعض الأمور التي يعتقد البعض أنها أمور عادية، لكنها في الواقع أمور مهمة وتجب متابعتها في جميع الوزارات، لأن بعض الموظفين والمسؤولين يقومون بالسفر لحضور بعض المؤتمرات، لكنهم يعودون قبل نهاية المؤتمر، مع العلم أنهم حصلوا على المخصصات المالية لنهاية المؤتمر ولا يرجعون أي مخصصات قد تسلموها عن الأيام التي لم يحضروها ولم يستحقوا الحصول على المخصصات لها، وكذلك البعض يتسلم تذاكر السفر ولكن عندما يأخذها الوزير معه في الطائرة الخاصة لا يعيد التذاكر التي صرفت له.
وبعض المسؤولين يتغيبون عن العمل وتجد أنهم خارج البلاد بدون أن يأخذوا أي إجازة من العمل، وعند السؤال عنهم تبلغهم السكرتيرة أنهم في اجتماع بالوزارة أو أي اجتماع آخر لحين عودتهم للبلاد.
إن موضوع مكافحة الفساد لا بد من أن يبدأ بجميع الوظائف دون استثناء ومراقبتها والحرص على أخذ صورة من جواز السفر يبين تاريخ الدخول والخروج لجميع الموظفين والمسؤولين عند عودتهم من أي مؤتمر، كذلك لابد من التدقيق على تذاكر السفر وصرفها، حيث إن من يكون مع الوزير بالطائرة الخاصة لا يحق له صرف تذاكر السفر وإرجاعها إن كانت قد صرفت بالفعل.
ولإقرار الذمة المالية لا بد أن يكون أولا قبل تولي أي مسؤول أي وظيفة سواء كان وزيرا أو نائبا في البرلمان أو موظفا في أي مؤسسة حكومية ولمكافحة الفساد تتم متابعة ممتلكاته وخاصة عندما تتضخم فجأة فلا بد من معرفة مصدر هذه الممتلكات.
كما لا بد من مراقبة المؤتمرات ومن يحضرها، فالبعض يغادر لحضور مؤتمر ولكن في الواقع تجد الجلسات خالية من ممثلي الدولة وانشغالهم بالتسوق، وهذا يصبح جليا عندما تُكتب محاضر هذه المؤتمرات إذ لا يوجد أي تعليق من الدولة على أي موضوع قد تمت مناقشته في المؤتمر، والبعض يذهب ليوم أو يومين ثم يعود ولكنه في الواقع تسلم مخصصات عن جميع أيام المؤتمر ولم يرد أي أموال أخذها دون وجه حق.
إن الوظيفة هي عقد يتم بين طرفين، أي بين الموظف وصاحب الوظيفة، حيث يقوم صاحب الوظيفة بمنح المال بصفة شهرية منتظمة للموظف مقابل قيامه بخدمة أو عمل ما، وهي أداء مهمة أو عمل أو جهد فكري أو عضلي بمقابل مادي أو معنوي، وهو ميثاق وعهد بين الموظف وبين الله، حيث انه يجب أن تكون الوظيفة بما يرضي الله وبالمحافظة على المال العام، فكيف يسمح أي شخص لنفسه أن يحصل على أي أموال دون وجه حق ودون رضا رب العالمين، فإنها ستكون مهلكة للموظف ويرى عاقبتها في الدنيا والآخرة.
حفظنا الله وإياكم من كل شر ومن شرور النفس للحصول على أموال حرام قد تقضي على من يتقاضاها في دنياه.