صعقني الخبر وأنا أقرأ أن سكوتلاند يارد كانت البطل في اكتشاف فضيحة إهدار الملايين من المال العام بحجة العلاج في الخارج ببريطانيا بعد ان عجزت وزارة الصحة والأجهزة الرقابية عن اكتشاف التجاوزات منذ عدة سنوات، كأن الملايين ليست مالا عاما.
وبينما يتحدث وزراء الصحة ومجلس الوزراء الموقر عن ضوابط العلاج بالخارج ويضطر المرضى للبحث عن الواسطة للحصول على حقهم الدستوري للعلاج على نفقة الدولة فإن الملايين كانت تهدر في لندن حتى اكتشفتها الشرطة البريطانية، وقام بعد ذلك، وليس قبل ذلك، وزير الصحة بتحويل الملف إلى النائب العام، فماذا عسانا أن نقول؟ هل نقول شكرا لاسكوتلاند يارد أم نقول: تعسا للأجهزة الرقابية الوطنية التي كانت في سبات عميق خلال سنوات نهب الملايين، أم نقول: عذرا لكل من فقد عزيزا بسبب عدم الحصول على قرار العلاج في الخارج.. أم نقول لكل الشرفاء لا تقلقوا؟ هذا الملف المخجل... قبل أن يعرف الشعب الحقيقة كاملة بعد أن أصبحت فضيحة عالمية، ومن سيعيد الملايين المسروقة التي كانت تكفي لإنشاء مراكز صحية ومستشفيات حديثة تتم استضافة الأطباء المتخصصين فيها من الخارج لعلاج المواطنين؟ إنني أقترح على وزير الصحة أن يقوم بتكريم الشرفاء من سكوتلاند يارد لأمانتهم وحرصهم على المال العام وحماية الخزانة المنهوبة. ولا أطلب المستحيل إذا طالبت بالكشف دون مجاملات عن كل من وضع توقيعا على مستند مزور للعلاج في الخارج ومحاسبتهم حيث إنه لا مجال للمجاملات فهذه صحة وحياة البشر التي لا تقبل المساومة.
إن هذه الفضيحة تبين مدى قصور الرقابة على المكاتب الصحية خارج البلاد حيث إن الميزانية ضخمة ومتوافرة لشخص واحد له حرية التصرف كيفما يشاء بالمال العام من دون حسيب أو رقيب.
ولا بد من مراجعة هذه السياسة للقضاء على الفساد والسرقات من المال العام من أي شخص أو موظف في أي مكتب صحي خارج البلاد ولا بد من التدوير والالتزام بالمدة القانونية لأي طبيب يتولى شـؤون أي مكتب صحي وعدم جواز الإقامة الدائمة لكل رئيس مكتب للبقاء سنوات طويلة في هذا المنصب ومحاسبة كل من تسول له نفسه أن يتمتع بالمال العام من دون وجه حق.