سعدت بتلبية دعوة كريمة من الأستاذ ماضي الخميس لحضور الملتقى الإعلامي العربي 14 «الإعلام.. حياة» والتقيت بباقة متميزة من زملاء وزميلات مهنة البحث عن المتاعب والتي تتزايد مشقتها يوما بعد يوم وتواجه تحديات غير مسبوقة من قبل سواء من حيث غياب أو ضعف مواثيق الأخلاقيات الإعلامية أو اختراق صفوف الإعلام من جانب الدخلاء أو غياب الإمكانات اللازمة لتمكين الإعلام من القيام بمسؤولياته أو التداخل والتشابك بين الإعلام والسلطة.
ولكل ما سبق أمثلة وحكايات عند كل إعلامي متمرس وتكاد تتشابه الحكايات بالرغم من اختلاف الأماكن والأحداث والأزمنة، وعندما يلتقي الإعلاميون في أي مناسبة فإنهم يتسابقون على الجديد بالأخبار والزوايا الجديدة والمبتكرة للتحليل بل وقد يتذكرون أزمات ومواقف مع السلطة مثل القضايا في المحاكم والرقابة ومنع النشر أو تقييده أو الحلم باستقلال الإعلام.
ولكن ما هو ضمير الإعلام وهل لكل إعلامي أو مؤسسة إعلامية نفس الضمير الحي المتيقظ الذي تترك له مهمة الرقابة على الأداء الإعلامي بأنواعه وأدواته المختلفة وخصوصا الإعلام الرقمي والإعلام بوسائل التواصل الاجتماعي والذي أصبح حاضرا بقوة أمام الأطفال والشباب والمرأة والكبار بلا قيود وبدون استئذان؟ إن الضمير هو قدرة الإنسان على التمييز فيما إذا كان عمل ما خطأ أم صواب أو التمييز بين ما هو حق وما هو باطل وهو الذي يؤدي إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية وإلى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية، وهنا قد يختلف الأمر نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق لدى كل إنسان.
وقد يختفي الضمير عندما يغرق القلب في الظلمات والتكبر والغرور وتعلو الأنا على صوت الضمير، ونظرا لأن مسؤولية الإعلام تتزايد يوما بعد يوم فلا بد من التنشيط والتدريب دائما للضمير الإعلامي حتى لا يقوم الإعلامي بتقييم نفسه بنفسه ولا يتملكه الغرور فيما يعمله ولا يرضخ لتحريك عمله بالمال والممولين، حيث إنه في هذه الحالة سيكتفي بآراء وأفكار الممولين لمصلحتهم وبث هذه الأفكار إعلاميا في القنوات الخاصة وسيؤدي إلى التخريب والتدمير.
وإن غياب الضمير الإعلامي سيجعلنا مفتقدين للثقة في الإعلام ولا بد من وضع استراتيجيات خاصة للإعلام للعمل على إصلاح ما أفسده الدهر في إعلامنا العربي حتى نعيد ثقة الجميع فيه.