مع حلول عيد الفطر السعيد نستذكر أيام الطفولة فيه، وكيف كنا نجهز ملابسنا الجديدة ليلة العيد ثم نبدأ صبيحة العيد بلبس الملابس الجديدة وتصفيف الشعر ونتبادل القبلات الدافئة والحانية مع الوالدين والإخوة والأخوات إيذانا بتدشين يوم جديد يختلف عن غيره من أيام العام، وتبقى ذكرياته محفورة في الذاكرة والوجدان لعدة سنوات.
وبعد تناول الإفطار الشهي الفاخر من إعداد ست الحبايب نبدأ جدول الزيارات للمباركة بالعيد ويكون الجدول بدءا بالأكبر سنا وبعدها الأصغر والفرحة تكسو الوجوه وتعطر البيوت ونتناول الحلويات والأطباق اللذيذة التي تفتخر بها كل واحدة أنجزتها بنفسها، وبقدر حنو الكبار على الأطفال فقد كان احترام وتوقير الكبار لا يقبل المساومة ليس طمعا في مكسب الهدايا والأموال بل تعبير عن البراءة والحب البريء.
وكنا في نهاية اليوم نقوم بعدّ العيادي ومن حصل أكثر من الآخرين ثم نتفنن بوضع الخطط للاستفادة من فرص الحصول على الألعاب محدودة النوعية وفي مقدور الجميع شراؤها دون ترف أو مغالاة وعدم صرف العيادي كلها وبسرعة حيث نتعلم فنون الاقتصاد ونوفر منها بعض المال للأيام التالية.
وكانت الأم شديدة السعادة بما تدخله على الأسرة فردا فردا من فيض حنانها وعطائها الذي لا ينضب متفانية في إسعاد الجميع وحريصة على عدم وجود أي زعل بين أفراد العائلة.
ولم تكن في مراسم العيد متابعة الفضائيات والتي أصبحت تعكر صفو المناسبات السعيدة بما تنقله من أخبار مثيرة عن تفجيرات وإرهاب دنيء وصراعات يدفع ثمنها الأبرياء وتدمر فرحة الأطفال بالعيد.
ولم تعرف الأعياد قديما ما يحدث الآن من حوادث للتحرش وخدش الحياء في الأماكن العامة والمجمعات الكثيرة التي لم تكن موجودة في السابق بل وحوادث الألعاب النارية للأطفال في غياب رقابة الوالدين.
أما العيد الآن فقد اختلف كثيرا عن السابق ولا أعتقد أنه سيكون هناك رصيد للذكريات لأطفال المستقبل، حيث إن الاعتماد الآن على الخدم والوجبات السريعة التي يدفع الأطفال ثمن الإسراف في تناولها حيث تؤدي إلى السمنة المفرطة وزيادة الوزن، ما أدى إلى انتشار السكر بين الأطفال واختفت أنواع الحلوى والملابس والطقوس لتحل محلها طقوس جديدة وغريبة أفقدت المجتمع العديد من ملامحه وبدأ البعض يكتفي بالمعايدة بوسائل الاتصال الجديدة وقلت الزيارات وتجمعات الأهل مما أفقد المجتمع تراثه وثقافته.
أهنئ الجميع بحلول عيد الفطر السعيد وأدعو الله عز وجل أن ينعم على بلادنا بالعزة والرفعة تحت قيادة صاحب السمو، حفظه الله ورعاه، وولي عهده الأمين وأدعو الله أن يتغمد والدينا وموتانا بفيض الرحمة والغفران كما ربيانا صغارا وأن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية وهي خالية من فتن الصراعات والنزاعات والعنف والحروب والإرهاب.