تعتبر التشريعات الصحية احدى الأدوات الضرورية لتنفيذ استراتيجيات وخطط الوقاية والتصدي للأمراض والتحديات المتعلقة بالصحة، ومن خلال موقعي كرئيسة لمكتب الإيدز بوزارة الصحة وخلال قيامي بمسؤولياتي كمستشار وطني لإعداد التقارير الوطنية المقدمة للمنظمات الدولية عن جهود الكويت للوقاية والتصدي للإيدز فقد لمست إعجاب المستشارين بالمنظمات الدولية لوجود قانون خاص لمكافحة الإيدز بالكويت وهو القانون رقم 62 الصادر عام 1992 والذي جمع مبادئ وقيم ورسم مسار واضح للمواءمة بين حقوق المجتمع وحقوق المصابين بالإيدز.
وليس فقط الإيدز الذي يحتاج إلى قانون للوقاية منه والتصدي له، ولكن أصبحت الكثير من الأمور الصحية بحاجة إلى أدوات قانونية لتنظيمها، وعلى سبيل المثال فإن أمراض القلب والأمراض المزمنة غير المعدية ترتبط بعلاقات وثيقة مع التغذية غير الصحية والتسويق غير المسؤول لوجبات ومنتجات غذائية تضر الصحة وتعرقل جهود مكافحة أمراض المدنية والعصر الحديث، فقد أصبحت السمنة وباء العصر الذي يحدث بسبب الأنماط غير الصحية للحياة وكذلك السكر وأمراض القلب والشرايين.
ومهما كانت جهود التوعية الصحية للمجتمع وحملات الاكتشاف المبكر لأمراض القلب والسرطان والسكر فإن القانون ضروري لتحديد الحقوق والواجبات وأيضا العقوبات على من يتسبب في أمراض مزمنة تؤثر على حياة وصحة الأفراد والأسرة والمجتمع ولها انعكاسات اقتصادية سلبية على خطط وبرامج التنمية التي يحتاج تنفيذها إلى مواطنين أصحاء بكل ما تعنيه الصحة من معان حسب تعريف منظمة الصحة العالمية للصحة وحسب الهدف الثالث من الأهداف العالمية للتنمية المستدامة والذي ينص على ضمان تمتع الجميع بالصحة والرفاهية في جميع المراحل العمرية. وإن الحاجة إلى قانون شامل وحديث للصحة العامة بالكويت أصبح ضرورة ملحة وأعتقد أن مجلس الأمة الموقر يجب أن يضع هذا القانون على قمة أولوياته التشريعية الآن إذ لا يخفى على السادة النواب أن الأعباء الاقتصادية المترتبة على علاج أمراض القلب والأمراض المزمنة سواء كانت تكاليف مباشرة أو غير مباشرة أصبحت واضحة بميزانية الدولة وميزانية وزارة الصحة مما يهدد رأس المال البشري من مخاطر وعوامل خطورة يمكن القانون من التصدي لها. ويحضرني في هذه المناسبة دور النواب مرزوق الغانم وعلي الدقباسي وآخرين في اجتماع حضرناه معا تحت مظلة جامعة الدول العربية بالقاهرة وكانوا فخورين بالحديث عن قانون الكويت للتصدي للإيدز كأحد الأمثلة للمبادرات التشريعية المعززة للصحة إذ سيكون إصدار القانون المقترح إضافة جديدة وغير مسبوقة من مجلس الأمة الكويتي تضاف إلى رصيده الذي نعتز به من قوانين تتعلق بالشأن الصحي.