انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الدعاة الذين تجمعهم النية الطيبة والرغبة في العمل التطوعي عن طريق إلقاء المواعظ والدروس الدينية بالإضافة إلى الاستعجال في إطلاق الفتاوى حول الكثير من الأمور الدينية التي لا يجوز الفتوى فيها لغير المؤهلين والمتخصصين.
ومع هذا التيار الجديد من الدعاة من منازلهم فإن هناك عدة تساؤلات تطرح نفسها حول شروط القيام بالدعوة وإبداء الفتاوى وما الجهة المسؤولة في الدولة عن إعطاء التراخيص للقيام بالدعوة أو الفتوى لأنه وحسب علمي الدعوة تعتبر مهنة مثل غيرها من المهن الأخرى، فلا يجب أن يمارس أي شخص مهنة الطب ما لم يكن مؤهلا بالحصول على شهادة متخصصة في الطب ويتبعها الحصول على ترخيص بمزاولة مهنة الطب من الجهة الرسمية والمختصة بإعطاء التراخيص، إذ يهدف هذا التنظيم إلى حماية أجساد البشر من الممارسات غير القانونية وغير المعتمدة علميا من جانب أدعياء الطب غير المؤهلين وغير المتخصصين.
وبنفس القياس، فإن الدعوة والدروس الدينية مهما كانت تستند إلى نوايا حسنة فإنها تؤثر في العقول وفي العواطف بل قد تؤدي إلى سلوكيات غير مرغوبة تنتج عن الفتاوى غير الناضجة من جانب الدعاة من منازلهم.
وإنني مع كامل تشجيعي واحترامي للتوجه نحو نشر الدعوة بالقيم والمثل والأخلاقيات الدينية أناشد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية والجهات المختصة بوزارته أن يتابعوا بجدية الدعاة من منازلهم وألا يتركوا ساحة الدعوة والفتاوى مفتوحة على مصراعيها دون ضوابط أو تراخيص رسمية أمام الدعاة الذين ينطلقون من منازلهم بحرية كاملة دون أن يتسلحوا بالمؤهلات والخبرة اللازمة للقيام بالدعوة.
ويا ليت وزير الأوقاف يقوم بحصر كامل لتلك الحالات ليلحقهم بالبرامج التأهيلية المناسبة التي تصنع منهم دعاة حقيقيين ورسميين بدلا من ممارستهم للدعوة كهواة والذي تترتب عليه أضرار فكرية وروحية جسيمة قد تكون أحد أسباب انتشار العنف والإرهاب وتهدد السلام الاجتماعي ووحدة نسيج الأمة وحتى لا نفاجأ بانتشار بعض الفتاوى الغريبة مثل فتوى إرضاع الكبير، ولنتدخل بالإجراءات المناسبة قبل فوات الأوان وحتى لا تصبح الكويت مرتعا لتيارات وتوجهات غريبة وقد تكون مدمرة للعقول والعقيدة.