سؤال يطرحه الجميع: هل قضينا على الإيدز؟ فقد غاب الإيدز في الآونة الأخيرة عن الساحة الإعلامية وحملات التوعية وكأننا نجحنا في القضاء عليه وسجلنا إنجازا عالميا، وحققت الكويت إحدى غايات الهدف الثالث من الأهداف العالمية للتنمية المستدامة حتى عام 2030.
وقد يتساءل البعض عن إحصائيات الإصابة بالإيدز على مستوى العالم وهو ما تجيب عنه منظمة الصحة العالمية بأن 36.7 مليون شخص يتعايشون مع الإيدز حتى نهاية عام 2016 ومن بينهم 20.9 مليون فقط يتلقون العلاج، كما بينت الإحصائيات مؤشرات عديدة يجب ألا تغيب عن القطاعات المختلفة ذات الصلة بالصحة من خارج الوزارة ومن داخلها على حد سواء لأن الوقاية والتصدي للإيدز يحتاجان إلى جهود جميع الوزارات والجهات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام.
وتحضرني الآن مبادرة اليونيسكو لإجراء دراسة عن تفاعل قطاع التعليم مع التحدي الخاص بالإيدز وبناء على تكليف مكتب لجنة اليونيسكو ببيروت فقد تم اختياري لإجراء تلك الدراسة في الكويت ولمست تعاونا كبيرا من قيادات وزارة التربية وجامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي ومن الإدارات والأقسام المختصة بها وأثمر ذلك عن تقديمي الدراسة المطلوبة لليونيسكو والتي انتهت إلى عدة توصيات مهمة ما زالت قابلة للتطبيق ويجب أن ترى النور قريبا لما لها من مردود إيجابي على حياة وصحة الشباب وطلبة المدارس والجامعات فهم وباعتبارهم فئة الشباب الذين يمثلون مستقبل الوطن الذي نسعى إلى أن يكون بلا إيدز.
وعودة إلى السؤال المطروح بقوة عن سبب غياب التوعية بالإيدز عن الحملات الإعلامية المتعلقة بالصحة، فإنني أتمنى من زملائي وزميلاتي ذوي الصلة بهذا الموضوع المهم أن يستمروا في أداء الرسالة لتوعية جميع الأجيال بطرق العدوى بالإيدز وكيفية الوقاية منه من خلال السلوكيات الصحية وأن تكون رسالة التوعية مبنية على الدراسات العلمية والحقائق والبراهين دون تهوين أو تهويل ودون إغفال الأبعاد المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق المصابين بالإيدز ونبذ الوصمة والتمييز للمتعايشين معه فهناك العديد من الحالات، ومن واقع خبرتي كرئيسة لمكتب الإيدز بوزارة الصحة لأكثر من عقدين من الزمان، فإن إصابتهم بالمرض كانت بسبب ظروف وعوامل خارجة عن إرادتهم وسلوكياتهم تماما مثل حالات نقل الأعضاء خارج الكويت أو علاج الأسنان في بلاد لا تتوافر بها إمكانيات التعقيم في عيادات الأسنان أو حالات لنساء انتقلت إليهن العدوى من أزواجهن وكانت النتيجة مولودا حاملا لفيروس الإيدز من أمه المصابة رغما عنها، وهناك الكثير من النماذج والحالات التي تستحق التوقف عندها لاستخلاص العبر.
والتوعية لجميع أفراد المجتمع يجب أن تكون طوال العام وليس فقط في اليوم الأول من ديسمبر وهو يوم الإيدز العالمي الذي يحتفل به العالم كل عام، وأتمنى من الأمانة العامة للتخطيط ألا تغفل إضافة التوعية ومكافحة الإيدز ضمن برامج خطة التنمية في الدولة لحماية الأجيال القادمة من العدوى بالإيدز واتساقا مع خطة التنمية المستدامة العالمية حتى عام 2030.