خلال الأيام القليلة الماضية نشطت وزارة الصحة في التوعية بأضرار الأدوية المغشوشة والمزيفة وعقدت الندوات وبثت مواد توعية بالتزامن مع اهتمام منظمة الصحة العالمية بالتصدي لمافيا الاتجار في حياة وصحة البشر عن طريق شبكات دولية لتسويق الأدوية المزيفة والمغشوشة وغير الفعالة، وفي مقابل ذلك فإن التوعية وحدها لا تكفي ولكن يجب اتخاذ أشد الإجراءات لوقف الفساد بتغليظ العقوبات وتشديد التشريعات والإجراءات اللازمة لحماية المرضى من هذه الأدوية ولا تأخذكم أي شفقة أو رحمة مع من تلاعب بالأمن الدوائي مهما كان موقفه.
ولا يمكن تصور بأي حال من الأحوال أن هناك أدوية وجدت طريقها للمرضى بالمستشفيات وبالمراكز الصحية دون أن يتم فحصها وتحليلها والتأكد من فعاليتها وصلاحيتها وإتمام إجراءات تسجيلها في وزارة الصحة لأن تسجيل الدواء ليس مجرد شهادة فقط ولكنه إقرار من وزارة الصحة بأنها تحملت مسؤوليتها الذهبية عن الأمن الصحي والدوائي وأوفت بالتزامها الأخلاقي والمهني حيال صحة المواطنين والمقيمين.
وعندما تبث مواقع التواصل الاجتماعي أي أخبار عن تداول أدوية غير مسجلة بوزارة الصحة والسماح بوصولها للمرضى في المستشفيات والمراكز الصحة فهذا يتطلب استنفار جميع أجهزة الوزارة بدءا بالأجهزة الإعلامية على أعلى المستويات لتوضيح الحقائق للمرضى وأن يتحمل الجهاز القانوني بالوزارة مسؤولياته بشجاعة ويقوم بتحقيق فوري وعاجل لملاحقة المتسببين في وصول بؤرة الفساد إلى قطاع الأدوية وفضح المفسدين ونشر قائمة سوداء بكل من تسبب في زعزعة الأمن الدوائي والصحي، وهو ما يعني أن قطاع الأدوية يحتاج إلى جراحة كبرى وعاجلة لاجتثاث الفساد إن كان ما يتم تداوله من أمور تتعلق بالأدوية صحيحا إذ ان ذلك يعتبر كارثة تعصف بثقة المريض بالخدمات الصحية.
وأتمنى أن تكون الأدوية المتاحة للمرضى مستوفية لإجراءات التسجيل واختبارات الصلاحية اللازمة والمعتمدة لأن الصحة خط أحمر لا يتوقف عند العبدلي أو صفوان ولا يمكن قبول الفساد في قطاع الأدوية ولا يمكن تحمل تبعات مثل هذا النوع من الفساد الذي يجب استئصاله من الجسم الصحي وخصوصا أن ما تم تداوله يشكك في إجراءات تسجيل وصلاحية أدوية علاج السرطان وأدوية علاج الجلطات وهو ما يعني القتل غير الرحيم للمرضى بطريقة صحية.
ولنتذكر أن من أسباب هزيمة العرب في حرب فلسطين عام 1948 استخدام أسلحة فاسدة من جانب الجيوش العربية وكانت تلك المأساة أحد أسباب ثورة 23 يوليو عام 1952 في مصر حسب ما كتب الصحافي الراحل إحسان عبد القدوس والتي غنى لها عبد الوهاب، وقد تسبب في محاكمة رؤوس كبيرة بالحكومة المصرية قبل قيام ثورة الضباط الأحرار عام 1952.